الثوب فعلى ما مضى من الوجهين.
فإن غصب شاة فاستدعى قصابا فذبحها له، كان للمالك أن يأخذها، وله ما بين قيمتها حية ومذبوحة، يطالب بذلك من شاء منهما: يطالب الغاصب لأنه سبب يد الذابح ويطالب الذابح لأنه باشر الذبح بنفسه، فإن طالب الغاصب لم يكن له أن يرجع على الذابح لأن الذابح إنما ذبحها له، وإن طالب الذابح كان للذابح مطالبة الغاصب بذلك، لأنه إنما ناب عنه فيه، وكانت يده يد نيابة عنه.
وإن غصب طعاما واستدعى من يأكله كان له أن يطالب من شاء منهما، فإن طالب الآكل لم يكن للأكل الرجوع به على الغاصب، وقد قيل: إن له أن يرجع على الغاصب لأن (1) الآكل أتلفه في حق نفسه، فعاد النفع إليه، فلهذا استقر الضمان عليه وهذا أقوى.
إذا غصب ثوبا فباعه فنقص في يد المشتري كان للمالك أخذ ثوبه، وله أن يطالب بأرش النقص من شاء منهما: يطالب الغاصب لأنه سبب يد المشتري، ويطالب المشتري لأنه نقص في يده، فإن طالب الغاصب رجع بما غرم على المشتري، وإن طالب المشتري لم يرجع بما غرم على الغاصب، لأنه دخل على أن العين عليه مضمونة بالبدل، فإذا ذهب بعضها كان بدل الذاهب عليه.
فإن غصب ثوبا فنقص في يده فإن أبلاه ثم باعه فتلف في يد المشتري كان له أن يطالب الغاصب بقدر ما نقص في يده، ولا يطالب به سواه، لأنه هو الغاصب وفي يده كان النقص ولم يكن المشتري سببا ليد الغاصب، وله أن يطالب بما تلف في يد المشتري من شاء منهما: يطالب الغاصب، لأنه سبب يد المشتري، ويطالب المشتري لأن الشئ تلف في يده.
فإن طالب الغاصب كان له مطالبته بقيمته أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف في يد المشتري، ثم يرجع الغاصب على المشتري بقيمته أكثر ما كانت