فإذا ثبت أن حق الشفيع قائم لم يخل التصرف من أحد أمرين إما أن يكون تصرفا تجب به الشفعة، أو لا تجب به، فإن كان تصرفا تجب به الشفعة مثل أن باعه المشتري عندنا أو عند المخالف أو استأجر به دارا أو صالح به أو جعل صداقا لزوجة أو كان المشتري امرأة فخالعت به كان الشفيع بالخيار بين أن يفسخ تصرف المشتري ويأخذ الشقص بالشفعة منه، وبين أن يقره، ويأخذه من الثاني لأن الشفعة تجب له بالشركة الموجودة حين العقد، وهذا موجود ههنا في العقدين معا.
فإذا ثبت هذا نظرت، فإن اختار أخذه من المشتري الأول أخذه منه بما ملكه:
مثله إن كان له مثل، وقيمته إن لم يكن له مثل. وإن اختار أخذه من الثاني كان له أيضا فإن كان الثاني ملكه بالشراء أخذه منه بالثمن، وإن كان ملكه بعقد نكاح أو عقد خلع أخذه منه بمهر المثل عندهم.
وإن كان تصرفه بما لا تجب به الشفعة كالهبة والوقف كان للشفيع إبطاله ونقضه لأن حقه أسبق وإن كان قد بنى مسجدا كان له نقضه وأخذه بالشفعة إجماعا وفي الناس من قال: لا ينقض المسجد.
إذا قال الشفيع للمشتري اشتر نصيبي أو نصيب شريكي، فقد نزلت لك عن الشفعة وتركتها، ثم اشترى على هذا لم تسقط شفعته، وكان له المطالبة بها لأنه إنما يستحق الشفعة بعد العقد، فإذا عفا قبله فقد عفا عما لا يملك ولم يجب له ولا يسقط حقه حين وجوبه، كالوارث إذا أجاز ما زاد على الثلث قبل موت الموصي لم تصح إجازته، لأنه إجازة قبل وقت الإجازة.
ولا نعتد نحن بهذا، لأن عندنا أن إجازة الوارث قبل موت الموصي جائزة.
إذا كانت الدار بين رجلين نصفين فباع أحدهما نصف نصيبه وهو الربع صفقة واحدة، ثم باع الربع الثاني له صفقة أخرى، ثم علم الشفيع بالشفعة، كان للشفيع أخذ الصفقتين معا، وكل واحدة منهما بالشفعة، لأن لكل صفقة حكم نفسها في باب الشفعة.
فإذا ثبت أنه بالخيار نظرت فإن أخذ الجميع فلا كلام، وإن أراد أن يأخذ أحد