وإن كانت الزيادة من جنس الأول مثل أن سمنت فبلغت ألفا ثم هزلت فعادت إلى مائة سمنت فعادت إلى الألف أو تعلمت القرآن فبلغت ألفا ثم نسيت فعادت إلى مائة ثم تعلمت القرآن فعادت إلى الألف قيل فيه وجهان:
أحدهما لا يضمن شيئا بل يردها بحالها لأنه عاد إلى المغصوبة ما ذهب منها فلا ضمان عليه مثل رجل غصب عبدا فأبق وأخذنا قيمته منه، ثم رجع العبد فإنه يرده إلى سيده ويسترجع القيمة.
والوجه الثاني عليه الضمان لأن هذا السمن غير الأول وهذا التعلم غير الأول فكان عليه ضمان الأول والأول أقوى لأن الأصل براءة الذمة، فمن قال يضمن الأول فالحكم فيه كالجنسين وقد مضى.
ومن قال يسقط ضمان الأول نظرت فإن عادت إلى الألف ردها بحالها ولا شئ عليه وإن اختلف ذلك فعادت إلى الأقل أو الأكثر دخل الأقل في الأكثر مثل أن بلغت بالسمن ألفا ثم عادت إلى مائة فعليه تسعمائة فإن سمنت وبلغت خمسمائة ردها وخمسمائة لأنه عاد من النقصان تسعمائة أربعمائة، فكان عليه خمسمائة وإن عادت إلى الألف وأكثر ردها بحالها ولا شئ عليه.
فإن غصب جارية سمينة مفرطة السمن قيمتها لفرط سمنها مائة فهزلت وحسنت فصارت تساوي ألفا أو لم ينقص من قيمتها شئ ردها بحالها ولا شئ عليه، وهكذا لو غصبها وقيمتها ألف فسمنت فرجعت إلى مائة ثم هزلت فعادت إلى ألف ردها ولا شئ عليه لأنه ما نقص منها ما له قيمة فلم يضمن شيئا.
ولو غصب عبدا قيمته ألف فخصاه فبلغ ألفين رده وقيمة الخصيتين، لأنه ضمان مقدر المنافع تضمن بالغصب كالأعيان سواء وجملته أن كل منفعة تضمن بعقد الإجارة فإنها تضمن بالغصب كمنافع الدار والدابة والعبيد والثياب المقبوض عن بيع فاسد (فإنه) لا يملك بالبيع الفاسد ولا ينتقل به الملك بالعقد، وإذا وقع القبض لم يملك به أيضا لأنه لا دليل عليه، وإذا لم يملك به كان مضمونا.