من قال يصح قال فهو كالبيع في جميع الأحكام في الخيار والاستحقاق وغيرهما.
ومن قال الهبة تقتضي الثواب فلا يخلو إما أن يطلق أو يشرط الثواب، فإن أطلق فأي ثواب يقتضي؟ قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدهما يثيبه حتى يرضى الواهب لما روى أبو هريرة أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وآله ناقة فأعطاه ثلاثا فأبى فزاده ثلاثا فلما استكمل تسعة قال رضيت فقال النبي صلى الله عليه وآله لا أقبل بعد هذا اليوم هدية إلا أن يكون قرشيا أو أنصاريا أو دوسيا أو ثقفيا، والثاني يثيبه قدر قيمة الهبة أو مثلها، والثالث يثيبه قدر ما يكون ثوابا لمثله في العادة، وهذا هو المعتمد عليه، لأن أصل الثواب إنما يثبت بعقد الهبة اعتبارا بالعادة.
فإذا تقرر هذا فإذا أثابه على ما ذكرنا لزمته الهبة، وإن لم يثبه لم يجبر على الثواب، لكن يقال للواهب إما أن تمضي أو تسترجع، فإن أمضى فذاك، وإن رجع فإن كانت الهبة بحالها أخذها، وإن كانت زايدة غير متميزة أخذها بزيادتها، وإن كانت متميزة فهي للموهوب له، ويرجع الواهب في الأصل.
وإن كانت ناقصة أو كانت تلفت فهل يرجع عليه بقيمتها أو بأرش نقصانها؟ قيل فيه وجهان أحدهما يرجع عليه، لأن العين لو كانت باقية لاسترجعها لتعذر العوض عنها، فإذا كانت تالفة كان الرجوع بقيمتها، والثاني ليس له ذلك لأن التلف والنقصان وجد في ملكه، وما حصل في ملكه لا يرجع به عليه، وهذا هو مذهبنا.
فأما إذا شرط الثواب فإن كان مجهولا صح لأنه وافق ما يقتضيه الإطلاق وإن كان معلوما فهل يصح أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما يصح لأنه إذا صح والعوض مجهول فأولى أن يصح وهو معلوم، والثاني لا يصح لأنه خالف مقتضى إطلاق العقد، لأن إطلاقه يقتضي جهالته، والشرط إذا خالف إطلاق العقد أبطله.
إذا وهب الأب لابنه ثوبا خاما فقصره الابن ثم رجع فيه الأب، فمن قال القصارة بمنزلة الزيادة المتميزة كان الابن شريكا للأب في الثوب بقدر القصارة، وإن قلنا إن القصارة بمنزلة الزيادة المتصلة فالثوب للأب بقصارته، لا حق للابن فيه، و الذي يقتضيه مذهبنا أنه إذا قصره من له الرجوع في هبته وهو الأجنبي لم يكن له