إذا كانت الدار بين ثلاثة أثلاثا فاشترى أحدهم نصيب الآخرين فقد حصل ههنا بايع ومشتر وشفيع، فهل يستحق المشتري الشفعة مع الشفيع فيما اشتراه أم لا؟ قيل فيه قولان، فالصحيح على هذا المذهب أنهما في المبيع شريكان، لكل واحد منهما نصف المبيع.
وفي الناس من قال: الشقص يأخذ الشفيع بالشفعة، لا حق للمشتري فيه، فمن قال: لا حق للمشتري قال: الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الكل أو يدع، وليس له أن يأخذ النصف، ومن قال يشاركه قال: المبيع بينهما نصفين: نصف للشفيع بحق الشفعة ونصف للمشتري ملكا بالشراء لا بالشفعة.
فإن اتفقا على أن يأخذ كل واحد منهما النصف كان ذلك، وإن عفا أحدهما عن حقه، فإن كان العافي هو الشفيع صح عفوه وتوفر الحق على المشتري لأنه ما ملك وإنما ملك أن يملك، فكان له الخيار بين العفو والأخذ، وإن كان العافي المشتري لم يصح عفوه عن حقه، لأنه ملك النصف بالشراء ملكا صحيحا فلا يزول ملكه بالعفو.
إذا شجه موضحة عمدا أو خطأ فصالحه العاقلة على شقص وهما يعلما ن أرش الموضحة أو لا يعلمان، فإنه يصح الصلح ولا يستحق الشفعة به، لأن الصلح ليس ببيع على ما بيناه.
وفي الناس من قال: هذا الصلح لا يصح فلا شفعة فيه وفيهم من قال: يصح ويجب فيه الشفعة.
الشفعة ثابتة بين المشركين كهي بين المسلمين، لعموم الأخبار الموجبة للشفعة فإذا ثبت ذلك نظرت، فإن كان البيع بثمن حلال أخذه الشفيع بالشفعة، وإن كان بثمن حرام كالخمر والخنزير ونحو ذلك ففيه ثلاث مسائل:
إحداها وقع القبض بين المتبايعين وقد أخذ الشفيع بالشفعة، فالحاكم لا يعرض لذلك، لأن ما يعقدون عليه صحيح عندنا، وعند المخالف وإن لم يكن صحيحا أقروا عليه لأنهم تراضوا به.