فإن كان مريضا نظرت فإن كان المرض خفيفا يمكنه المطالبة، وإن كان به هذا المرض كالصداع ونحوه فهو كالصحيح، وإن كان مرضا شديدا لا يمكنه المطالبة به لأجل المرض نظرت، فإن قدر على التوكيل، وكل في المطالبة، فإن ترك ذلك مع القدرة بطلت شفعته، وإن لم يقدر على التوكيل كان هذا عذرا، يصبر حتى إذا قدر عليها طالب، لأنه معذور في حكم [الغائب].
وإن كان محبوسا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون محبوسا بحق أو بغير حق فإن كان محبوسا بغير حق مثل أن حبسه ظالم أو حبسه الحاكم بالدين وهو معسر فهو كالمريض فإن قدر على التوكيل وكل وطالب وكيله، وإن لم يقدر على التوكيل كان على شفعته، لأنه معذور كالمريض، وإن كان محبوسا بحق مثل أن كان عليه دين يقدر على أدائه فهذا ليس بعذر لأنه حبس نفسه، فإنه يقدر على خلاصه والخروج منه فهو كالمطلق سواء، وقد مضى حكمه.
وإن كان غايبا لم تبطل شفعته بالغيبة، فإذا بلغته وهو غايب، فإن كان قادرا على المسير وكان الطريق مأمونا والرفقة موجودة، فلم يفعل، سقطت شفعته كالحاضر في طرف البلد، وإن لم يقدر على المسير وقدر على التوكيل وكل، فإن لم يفعل بطلت شفعته، فإن لم يقدر على الميسر بنفسه ولا على التوكيل كان على شفعته، لأنه عذر.
فمتى بلغه وهو غائب فهل يفتقر ثبوت شفعته إلى الإشهاد أم لا سواء قدر على المسير أو على التوكيل أو لم يقدر عليهما، قيل فيه قولان أحدهما أن الإشهاد شرط، والثاني له الشفعة أشهد أو لم يشهد، وهو الصحيح، لأن وجوب الإشهاد يحتاج إلى دليل.
فإن كانا بمصر ولهما بمكة دار شركة بينهما فباع أحدهما نصيبه من أجنبي فسكت شريكه عن المطالبة فلما قدما مكة طالبه بالشفعة وذكر أنه ترك المطالبة بها لتكون المطالبة بالبلد الذي فيه الدار بطلت شفعته، لأنه ترك المطالبة بها مع القدرة عليها.
قد بينا أن الشفيع يأخذ الشفعة بالثمن الذي استقر العقد عليه، فإن اتفقا على