وهذا أصل القراض الفاسد فبان مشروحا.
إذا دفع إليه ألفا قراضا على أن ما رزق الله من ربح كان له الثلث، وللعامل الثلث، ولغلام رب المال الثلث، والغلام مملوك لرب المال كان جائزا سواء شرط فيه عمل الغلام أو لم يشرط مع العامل، وفي الناس من قال لا يصح إذا شرط عمل الغلام مع العامل لأن موضوع القراض على أن من رب المال المال، ومن العامل العمل، فإذا شرط هذا كان من رب المال المال والعمل، وذلك لا يجوز، ولأن موضوع القراض على أن رب المال يستحق الربح بماله دون عليه، ويستحق العامل الربح بعمله من غير مال، وإذا شرط هذا استحق رب المال الربح بماله وعمله، وهذا لا يجوز.
وإنما قلنا إن الأول أصح لأنه إذا شرط هذا، فقد شرط ضم مال إلى ماله لأن عبده ماله أيضا فصح ذلك، فإذا ثبت هذا فلو دفع إليه ألفا قراضا على أن له من الربح النصف ودفع إليه بغلا أو حمارا يستعين به في نقل المتاع والركوب وغير ذلك صح.
هذا إذا شرط الربح لغلامه، فإن شرط ثلث الربح لأجنبي مثل أن يقول ثلثه لك، وثلثه لي وثلثه لزوجتي أو أبي أو ولدي أو صديقي فلان نظرت، فإن لم يشرط بأن على الأجنبي العمل بطل القراض، لأن الربح يستفاد في القراض بالمال أو العمل وليس هذا واحد منهما، وإن شرط أن يكون من الأجنبي العمل مع العامل صح، و يكون كأنه قارض عاملين. فخرج من هذه الجملة:
إذا شرط رب المال الربح لغلامه لم يخل من أن يكون حرا أو عبدا، فإن كان عبدا نظرت، فإن لم يكن من الغلام عمل صح قولا واحدا، وإن شرط عليه العمل فعلى وجهين، وإن كان حرا أو أجنبيا فشرط له قسطا من الربح فإن لم يشرط منه العمل بطل قولا واحدا وإن شرط العمل صح قولا واحدا.
القراض من العقود الجايزة كالوكالة، فإذا ثبت ذلك ففيه ثلاثة مسائل إحداها أن يقول: قارضتك على ألف سنة فإذا انتهت فلا تبع ولا تشتر، فالقراض باطل لأن من مقتضى القراض أن يتصرف في المال إلى أن يؤخذ منه المال نضا.