لأن أفعالهم حجة ولا يجوز عليهم الخطأ والقبيح، وفي المخالفين من قال ليس للإمام أن يحمي لنفسه شيئا، وإن أراد أن يحميه للمسلمين ليس له ذلك، وفيهم من قال له أن يحمي للمسلمين.
فإذا ثبت ذلك فالكلام في فصلين أحدهما بيان ما يحمي له، والثاني قدر ما يحمي.
فأما الذي يحمي له فإنه يحمي للخيل المعدة لسبيل الله، ونعم الجزية، ونعم الصدقة والضوال. وأما قدر ما يحمي فهو ما لا يعود بضرر على المسلمين، أو يضيق مراعيهم، لأن الإمام لا يفعل عندنا إلا ما هو من مصالح المسلمين.
فإذا ثبت هذا فإنه يحمي القدر الذي يفضل عنه ما فيه كفاية لمواشي المسلمين فأما ما حماه رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه لا يجوز للإمام القائم مقامه نقضه وحله، لأن فعله حجة يجب اتباعه فيه، وما يفعله الإمام القائم مقامه لا يجوز لأحد تغييره، وإن غيره هو أو من بعده من الأئمة أو أذن واحد منهم لغيره في إحياء ميت فأحياه فإنه يملكه فأما من يحييه بغير إذنه فإنه لا يملك به حسب ما قدمناه.
وأما ما به يكون الإحياء فلم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون غير أنه إذا قال النبي عليه وآله السلام: من أحيا أرضا فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك، فالمرجع في ذلك إلى العرف والعادة، فما عرفه الناس إحياء في العادة كان إحياء، وملكت به الموات، كما أنه لما قال: البيعان بالخيار ما لم يفترفا، وأنه نهى عن بيع ما لم يقبض، وأن القطع يجب في قيمة المجن، رجع في جميع ذلك إلى العادة.
فإذا ثبت ذلك فجملة ذلك على أن الأرض تحيى للدار والحظيرة والزراعة فإحياؤها للدار فهي بأن يحوط عليها حائط ويسقف عليه، فإذا فعل ذلك فقد أحياها وملكها ملكا مستقرا ولا فرق بين أن يبنى الحائط بطين أو بآجر وجص أو خشب.
وأما إذا أخذها للحظيرة فقدر الإحياء أن يحوطها بحائط من آجر أو لبن أو طين وهو الرهص أو خشب وليس من شرط الحظيرة أن يجعل لها سقف، وتعليق الأبواب