وأيضا فإن الصحابة كانت تستعمله، روي ذلك عن علي عليه السلام وعمر وابن مسعود و حكيم بن حزام وابن عمر وأبي موسى الأشعري ولا مخالفا لهم.
فإذا ثبت جواز القراض، فالكلام في ما يجوز أن يكون رأس مال في القراض وما لا يجوز، وجملته أن القراض لا يجوز إلا بالأثمان من الدراهم والدنانير، وأما غيرهما فلا يجوز وفيه خلاف (1) وأما القراض بالنقرة فلا يصح لأنها معتبرة فيما له قيمة، فهي كالثياب والحيوان، والقراض بالفلوس لا يجوز، والقراض بالورق المغشوش لا يجوز، سواء كان الغش أقل أو أكثر أو سواء، وفيه خلاف (2).
فإن دفع إلى حائك غزلا وقال انسجه ثوبا على أن يكون الفضل بيننا فهو قراض فاسد، لأن موضوع القراض على أن يتصرف العامل في رقبة المال ويقلبها ويتجر فيها فإذا كان غزلا فهو نفس المال وعينه فهو كالطعام إذا أعطاه ليطحنه ويكون الفضل بينهما، فيكون الكل لرب المال، وللعامل أجرة مثله.
وإن أعطاه شبكة وقال: تصطاد بها فما رزق الله من صيد كان بيننا كان قرضا فاسدا لما مضى، فإذا اصطاد شيئا كان له دون صاحب الشبكة لأنه صيده، ويكون لصاحب الشبكة أجرة مثله، كما أنه لو غصبت شبكة فصاد بها كان الصيد له دون مالكها.
وليس كذلك الغزل لو غصبه فنسجه لأن الثوب يكون لصاحب الغزل، لأنه عين ماله.
وإن دفع له ثوبا فقال له بعه فإذا نض ثمنه (3) فقد قارضتك عليه فالقراض باطل لأنه قراض بمال مجهول لأنه لا يعلم كم قيمته حين العقد، وللعامل أجرة مثله