فأما إذا سبق اثنان إلى موضع من تلك المواضع ففيه وجهان أحدهما يتقارعان و هو الصحيح، والثاني يقدم الإمام من شاء منهما.
وأما المعادن الباطنة مثل الذهب والفضة والنحاس والرصاص وحجارة البرام وغيرها مما يكون في بطون الأرض والجبال، ولا يظهر إلا بالعمل فيها والمؤنة عليها، فهل تملك بالإحياء أم لا؟ قيل فيه قولان أحدهما أنه يملك وهو الصحيح عندنا، و الثاني لا يملك لأنه لا خلاف أنه لا يجوز بيعه، فلو ملك لجاز بيعه، وعندنا يجوز بيعه.
فإذا ثبت أنها تملك بالإحياء فإن إحياءه أن يبلغ نيله وما دون البلوغ فهو تحجير وليس بإحياء، فيصير أولى به مثل الموات، ويجوز للسلطان إقطاعه لأنه يملكه عندنا، وقال المخالف لا يقطعه إلا القدر الذي يطيقه آلته ورجاله وإذا أحياه ملكه وصار أحق به وبمرافقه التي لا بد لها منها على قدر الحاجة إليه إن كان يخرج ما يخرج منه بالأيدي، وإن كان يخرج بأعمال فكما قلناه في الموات.
ومتى ما تحجر المعدن بالحفر وأراد آخر إحياءه، قال السلطان للأول إما أن تحييه أو تخلي بينه وبين غيرك، فإن استأجله أجله حسب ما قلناه في إحياء الموات سواء، ومن قال إنه لا يملك فهل للسلطان أن يقطعه أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما لا يقطعه، لأنه لا يملك بالإحياء، والثاني يقطعه، كما أقطع النبي صلى الله عليه وآله بلالا وغيره.
إذا أحيا مواتا من الأرض فظهر فيها معدن ملكها بالإحياء، وملك المعدن الذي ظهر فيها بلا خلاف، لأن المعدن مخلوق خلقه الأرض فهو جزء من أجزائها، وكذلك إذا اشترى دارا فظهر فيها معدن كان للمشتري دون البايع فأما إذا وجد فيها كنزا مدفونا فإن كان ذلك من دفن الجاهلية ملكه بالإصابة والظهور عليه، وحكمه حكم الكنوز وإن كان من دفن الاسلام فهو لقطة، وإن كان ذلك في أرض اشتراها فإن الكنز لا يدخل في البيع لأنه مودع فيه.
إذا غنم بلدان المشركين وفيها موات قد عمل جاهلي في معدن فيه فإنه لا يكون