لأنه أقر بصغير مجهول النسب مع وجود الإمكان، وعدم المنازع، والاعتبار بالإمكان اللهم إلا أن يعلم أنه لم يخرج إلى بلاد الروم، لم يدخل المرأة إلى بلاد الاسلام فإن علم ذلك لم يقبل إقراره.
وقال بعض المخالفين وإن كان ظاهر الحال أنه لم يخرج إلى بلاد الحرب ولا خرجت إلى بلاد الاسلام إذا جوزنا أن يكون بعثت إليها بالنطفة في قارورة فاستدخلته ألحقنا به الولد، فراعى مجرد الإمكان، والذي نقوله: إن المراعى في هذا الباب الإمكان على ما جرت العادة به فأما ما لم تجر به العادة فلا اعتبار به، وإن كان مقدور الله عز وجل.
إذا كانت لرجل جاريتان لكل واحدة منهما ولد، فأقر بأن أحد الولدين ابنه ثبت نسب أحدهما، ولحق به بإقراره دون الآخر إذا جمع الشرطين أحدهما أن لا يكون الأمتان ذواتي زوجين، لأنهما إن كانتا ذواتي زوجين، كان الولد لاحقا بالزوج دون السيد، والثاني أن لا يكون قد أقر بوطيهما ولا بوطي إحداهما لأنه إذا أقر بالوطي صارت التي أقر بوطيها يلحق ولدها به من غير إقرار بالولد، فإذا ثبت الشرطان فأقر بنسب أحدهما مبهما (1) ثبت نسبه دون الآخر، ويحكم بحريته، لأنه ملك له، فإن كان وطيها في ملكه فهو حر الأصل، وإن كان وطيها في ملك غيره ثبت ملك الولد وانعتق عليه.
هذا إذا كان شرط رقه فإن لم يشرط ذلك فإن الولد انعقد حرا في الأصل عندنا لأنه يلحق بالحرية إذا كان عن عقد نكاح، غير أن هذا الولد محكوم بحريته بلا خلاف.
فإذا ثبت هذا فإنا نكلفه أن يعين الذي ينسبه كما إذا طلق إحدى امرأتيه لا بعينها، فإنا نكلفه التعيين، فإذا عين تعين، لأنه لما ثبت نسبه بإقراره ثبت تعيينه بتعيينه، فإذا تعين الولد كلفناه أن يبين كيفية الاستيلاد.
فإن قال استولدتها في ملكي، حكمنا بالولد حرا في الأصل لا ولاء له وتصير الأمة