وإن شرط له نصف الثمرة كانت باطلة، لأنه ساقاه بغير عوض، وإن ساقاه على أن له ثلث الثمرة بطلت أيضا لأنه ساقاه بغير عوض ولأنه شرط على العامل العمل وثلث ثمرته، وذلك لا يجوز، فإذا ثبت بطلانها فإن عمل كانت الثمرة بينهما نصفين لكل واحد منهما بقدر ملكه، وللعامل أجرة مثله، وقال قوم لا شئ.
إذا كانت النخيل بينهما نصفين فساقا أحدهما شريكه على أن يعمل معه فالمساقاة باطلة لأن موضوعها على أن من رب المال المال، ومن العامل العمل، فإذا شرط أن يكون من رب المال المال والعمل بطلت المساقاة، فإذا عملا وظهرت الثمرة كانت بينهما نصفين بحق ملكهما، لا حق للعامل فيها.
وهل للعامل أجرة المثل؟ نظرت فإن كانا في العمل سواء فلا حق للعامل لأنه ما عمل على مال شريكه، لأن كل واحد منهما قد عمل بقدر ملكه، وإن كان عمل العامل أكثر نظرت فيما شرط له، فإن كان المشروط له أكثر من النصف فله بقدر فضل عمله على مال شريكه، لأنه دخل على أن يسلم له المسمى، فإذا لم يسلم، كان له أجرة مثله وإن كان المشروط نصف الثمرة أو أقل، فهل له الأجرة، على ما مضى من الوجهين أحدهما يستحق والآخر لا يستحق.
إذا كانت المساقاة صحيحة فهرب العامل لم يبطل مساقاته لأنه عقد لازم، فلا يبطل بالفرار كالإجارة والبيع، وإذا كان بحاله فإن رب المال يحضر عند الحاكم فيثبت العقد عنده، فإذا ثبت طلب الحاكم العامل فإن وجده كلفه العمل وأجبره عليه.
وإن لم يجده نظرت فإن وجد له مالا أنفق عليه منه، وإن لم يجد له مالا أنفق عليه من بيت المال، فإن لم يكن في بيت المال مال أو كان فيه مال لكن هناك ما هو أهم منه، استقرض عليه وأنفق.
فإن لم يجد من يقرضه قال الحاكم لرب المال أتتطوع أنت بالإنفاق؟ فإن تطوع فلا كلام، وإن لم يتطوع قال له: فأقرضه دينا عليه تستوفيه منه، فإن فعل فلا كلام، وإن لم يفعل لم تخل الثمرة من أحد من أمرين، إما أن تكون ظاهرة أو غير ظاهره:
فإن لم تكن ظاهرة فهل لرب المال الفسخ أم لا؟ قيل فيه وجهان: