وإن كانت البينتان مورختين مختلفتين مثل أن شهد شاهدان أنه وجده في رمضان وشهد آخران أنه وجده في شوال حكم للسابق، لأنها شهدت بأن يده سابقة، و ثبتت حضانته فيما قبل.
وإن لم يكن مع أحدهما بينة فلا يخلو أن يكون في يد أحدهما، أو في أيديهما أو لم يكن في أيديهما، فإن لم يكن في أيديهما فإن أمره إلى الحاكم يدفعه إلى من شاء وإن كان في يد أحدهما فإنه يدفع إليه لأن اليد والدعوى أولى من دعوى مجردة وإن كان في أيديهما أقرع بينهما لقوله تعالى " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم (1) ".
إذا ادعى العبد النسب فإنه يلحق به إذا قال: هذا ابني، لأنه في باب إلحاق النسب كالحر والنكاح الصحيح كالفاسد والوطي بالشبهة.
إذا ثبت أنه ابنه فلا حضانة له، لأن العبد مشغول بخدمة سيده ولا نفقة عليه لأنه لا يملك، ونفقته على قدر كفايته فلا يلزمه نفقة ابنه ولا نفقة ابن ابنه وهكذا الذمي إذا ادعى النسب فإنه يحلق به لأن الذمي مثل المسلم الحر والعبد غير أن الذمي أحسن حالا من العبد، لأن له أن يتسرى وليس للعبد أن يتسرى (2) فإذا ادعى نسبا فإنه يلحق به.
وهل يحكم بإسلام هذا الصبي أم لا؟ من الناس من قال أجعله مسلما، وفيهم من قال إن كان معه بينة فإنه يحكم بكفره، لأن البينة أثبتت فراشه، والمولود على فراش الكافر يكون كافرا غير أنه يستحب نزعه من يده، وأن يجعل في يد مسلم حتى يبلغ رجاء أن يسلم وإن لم يكن معه بينة، حكم بإسلامه، لأنه وجد في دار الاسلام تابعا للدار.
وهذا هو الأقوى والأولى، لأنه أقر بما له وعليه، فيقبل إقراره بما عليه ولا يقبل فيما له، وما عليه النسب وما له الاسلام، وإذا حكم بإسلامه أجري عليه أحكام المسلمين من الميراث ولزوم القود بقتله عمدا، والدية إذا كان خطأ.