وبين أن يعين الواحد الذي له، لأنه إذا عين أحدهما تعين الآخر.
إذا ثبت هذا وعين واحدا منها لنفسه، وصدقه المقر له، فذاك، وإن كذبه كان القول قول المقر في ذلك مع يمينه، لأنه أعلم بما أقر به وبما استثناه، ولأنه في يده فيجب أن يكون القول قوله مع يمينه.
فإن هلك تسعة منهم وبقي واحد فادعى أنه هو الذي استثنى لنفسه فهل يصح ذلك أم لا، قيل فيه وجهان أحدهما لا يقبل منه ذلك، ويكون للمقر له لأنه فسره بما لا يحصل للمقرض له شئ، والثاني أنه يقبل منه وهو الصحيح، ويكون العبد له لأن الاستثناء قد صح وقت الاقرار، وتفسيره لا يدفع الجميع وإنما تعذر تسليم المقر به لموتهم لا لمعنى يرجع إلى الاقرار، كما لو قال هؤلاء العبيد لفلان إلا سالما ثم مات الكل إلا سالما كان سالم للمقر بالإجماع.
إذا قال: غصبت هذه الدار من فلان وملكها لفلان لزمه إقراره بالغصب، ووجب عليه تسليم الدار إلى المغصوب منه، لأنه أقر له باليد وأقر للآخر بالملك، وقد يكون في يده بحق وإن كان ملكها لغيره، وذلك مثل أن يكون في يده بر هن أو إجارة، إذا ثبت هذا فإن ملكها لا يثبت للآخر بإقراره، لأنه إذا ثبت أنها في يد غيره، فإن إقراره بما في يد غيره لا يصح كما لو قال الدار التي في يد فلان لفلان، فإن ذلك لا يصح ولا يجوز شهادته بذلك، لأنه غاصب لا يقبل شهادته، فإذا بطل أن يكون شاهدا وبطل أن يصح إقراره بها، حصلت الدار للمقر له باليد وكانت الخصومة فيها بينه وبين المقر له بالملك، فإذا ثبت هذا فإنه لا ضمان عليه للمقر له بالملك، لأنه ما أقر له بشئ فحال بينه وبينه، لأنه أقر لأحدهما باليد، وأقر للآخر بالملك، وقد يجوز أن يكون في يد أحدهما بإجارة، ويكون للآخر ملكا.
فأما إذا قال هذه الدار ملكها لفلان وقد غصبتها من فلان، فقد اختلف فيها ففي الناس من قال هي كالتي قبلها، ولا فرق بين أن يقدم الغصب وبين أن يؤخره.
ومنهم من قال يلزمه إقراره للأول، وهل يغرمها للثاني أم لا؟ قيل فيه قولان لأنه لما أقر له بالملك ثم أقر للآخر باليد، فذلك رجوع عن الاقرار الأول فهو كما لو قال