الإبراء وهو الصحيح لأن الغاصب إنما جنى بالحفر، والحفر نقص حصل على المالك فإذا أبرأه منه كان سقوط الضمان عنه فيما يقع فيها تبعا لحفره وإزالة الضمان عنه بالتعدي، فكأنه حفرها ابتداء بأمره، فسقط الضمان عنه تبعا للأصل.
فإذا ثبت أنه يبرأ نظر فإن كان الغاصب له غرض في رد التراب إليها مثل أن كان نقله عنها إلى ملك نفسه، أو ملك غيره وغير مالكها، أو إلى طريق المسلمين كان له الرد، لأن فيها غرضا من دفع الضرر عن نفسه أو عن غيره، وإن لم يكن له غرض مثل أن يكون نقل التراب إلى ملك المالك إلى طرف هذه الأرض أو إلى غيرها لم يكن له الرد، لأنه لا غر ض له فيه، كما لو غصب نقرة فطبعها دراهم، فأراد أن يسبكها ويردها نقرة، لم يكن له، لأنه لا غرض له فيه إذا رضى صاحبها بذلك.
إذا غصب دارا فجصصها وزوقها كان للمالك مطالبته بنقله عنها، لأنه شغل ملك غيره بملكه، وإن لم يطالب بذلك وأراد الغاصب النقل كان له، لأنه عين ماله وضعها في ملك غيره، فكان له تحويلها عنه، ومتى قلع الغاصب ذلك بمطالبة أو غير مطالبة نظرت فإن لم ينقص الدار عما كانت عليه قبل التزويق فعليها أجرة مثلها من حين الغصب إلى حين الرد، وإن نقص كان عليه أرش النقص والأجرة معا.
وإن طالب رب الدار بالنقل، فقال الغاصب له: قدر وهبت لك مالي فيها من التزويق فهل عليه القبول أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما عليه القبول، لأنه متصل بملكه كالثوب إذا قصره، فإنه يرده ببياضه، والآخر لا يجب عليه القبول، لأنها غير ماله بحالها، مثل أن وهب له طعاما في داره فإنه لا يلزمه القبول، وهذا أقوى لأن الأصل براءة الذمة من وجوب قبوله، فمن قال لا يلزمه فالحكم فيه كما لو لم يهب له ذلك ومن قال يلزمه قبوله كانت الدار بتزويقها ملكا له ويكون على الغاصب أجرة مثلها إلى حين الرد لا غير.
إذا غصب أرضا فنقل ترابها مثل أن قشط (1) التراب عن وجهها وحوله عنها، كان