الثانية أن يقول قارضتك سنة على أن لك البيع والشراء لا أملك منعك منهما فالقراض باطل لأنه من العقود الجايزة، فإذا شرط فيه اللزوم بطل كالشركة والوكالة.
الثالثة أن يقول قارضتك سنة على أنه إذا انتهت السنة امتنع من الشراء دون البيع فالقراض صحيح لأنه شرط ما هو من موجب العقد ومقتضاه، لأن لرب المال أن يمنع العامل من الشراء أي وقت شاء، فإذا عقد على هذا، كان شرطا من مقتضى العقد وموجبه، فلم يقدح فيه.
إذا دفع إليه قراضا على أن ما رزق الله من ربح كان لي منه درهم، والباقي بيننا أو يكون لك منه درهم والباقي بيننا نصفين، فالقراض باطل، لأنه يمكن أن يكون هذا الدرهم جميع الربح، فيتفرد أحدهما بكل الربح وأيضا فإنه لا يصح القراض حتى يكون نصيب العامل معلوما بالأجزاء فإذا ضم إليها درهما، صارت مجهولة فلهذا بطل القراض.
فإن شرط عليه أن يوليه سلعة من السلع مثل أن يقول رب المال: أعطني هذا الثوب بقيمته من غير ربح، كان باطلا لأنه قد لا يكون الربح إلا في ذلك الثوب فيؤدي إلى ما قدمناه من انفراد أحدهما بالربح، وكذلك إن قال: على أن لي أن أنتفع ببعض المال مثل أن يكون عبدا يستخدمه وثوبا يلبسه.
إذا شرط في القراض أن لا يشتري إلا من فلان ولا يبيع إلا منه كان فاسدا عند قوم، وعند قوم أنه جائز وهو الأقوى، لأنه لا مانع منه، ومن قال لا يجوز قال لأنه يسقط المقصود من الربح لأن فلانا قد يغيب أو يموت، فلا يقدر على الشراء ولا البيع، أو ربما لا يختار أن يبيعه أو يشتري منه، وهكذا الحكم فيه لو قال على أن لا يشتري إلا العقار الفلاني أو الثوب الفلاني كان فاسدا لما مضى، وعندي أنه يجوز.
وكذلك إذا قال لا تشتري إلا جنسا لا يعم وجوده في أيدي الناس، لكن يوجد ولا يوجد، مثل أن يقول: لا تتجر إلا في لحوم الصيد فإن هذا قد يوجد وقد لا يوجد فلا يجوز، وإنما يصح القراض فيما يتمكن من طلب المقصود به، مثل أن يقول اتجر فيما شئت، وعامل من شئت كيف شئت، فيكون جائزا وهكذا لو عين جنسا