جانب العامل لأنه يأخذ ربح نصفه لا حق لرب المال فيه، ولرب المال ربح النصف الآخر لا حق للعامل فيه، وربما ربح نصفه وانفرد أحدهما به، فلهذا بطل.
وهذا ليس بشئ لأن النصف الذي جعل له ربحه، مشاع غير مقسوم، فلا درهم منها إلا وله ربح نصفه إنما كان يؤدي إلى ذلك لو كانت الخمس مائة معينة.
فإن دفع إليه بغلا وقال تركبه وتستعمله فيما ينقل عليه، والفائدة بيننا نصفان كانت هذه معاملة فاسدة لأن القراض هو أن يتصرف العامل في رقبة المال، وههنا تستبقي الرقبة، فإذا عمل كان الفضل كله لرب المال، وللعامل أجرة مثله، وإن أعطاه شبكة يصطاد بها فما رزق الله من صيد كان بينهما نصفين، كان الصيد للعامل، ولرب الشبكة عليه أجرة مثل شبكته.
والفصل بينهما أن العمل للبغل، وعمل العامل تابع، فلهذا كان الفضل كله لرب البغل، وليس كذلك الشبكة لأن الأصل عمل العامل بدليل أن الصيد يضاف إليه والشبكة تبع، فلهذا كان الصيد للصياد، وعليه أجرة مثل الشبكة، لأنه دخل على أن له نصف الصيد بها، فإذا لم يسلم له المسمى كان على العامل رد المنافع وقد أتلفها وتعذر ردها فكان عليه بدلها وبدلها أجرة مثلها، فإن دفع إليه رجل أرضا وقال: اغرسها كذا وكذا على أن ما رزق الله من غرس فيها كان بيننا نصفين، والأرض بيننا نصفين، نصف الأرض بعملك وغرسك، ونصف الغرس لي بأرضي، فإن هذه معاملة فاسدة، ليست شركة لأن المالين لا يختلطان، ولا قراض لأن من العامل العمل والمال معا.
فإذا ثبت أنها فاسدة كان لرب الأرض أرضه لأنها عين ماله، وللعامل غرسه لأنه عين ماله، لا يملك أحدهما على صاحبه ما بذله، فرب الأرض لا يملك نصف الغراس لأنه باع معلوما وهو نصف أرضه بمجهول، وهو نصف الغراس وعمل العامل، والعامل لا يملك نصف الأرض لأنه اشترى معلوما بمجهول، فإذا ثبت أن لكل واحد منهما عين ماله، فلرب الأرض على الغارس أجرة مثل أرضه لأنه غرسها بغير حق.
فإن أراد رب الأرض قلع الغراس نظرت، فإن لم يكن على الغراس نقص بالقلع