قال إذا قال له مائة وخمسون درهما إن المائة مبهمة، قال ههنا مثله، وكذلك إذا قال ألف وتسعون درهما، وألف ومائة درهم، أو مائة وثلاثة دراهم، أو مائة وخمسون درهما أو مائة وخمسة عشر درهما، أو خمسون وألف درهم، أو خمسون ومائة درهم، أو خمسة وعشرون درهما، كان ذلك على الخلاف الذي قدمناه.
ولا خلاف في خمسة عشر درهما لأنهما وإن كانا عددين فإن أحدهما ركب على الآخر وجعل اسما واحد فجريا مجرى العدد الواحد فعلى هذا إذا قال بعتك هذا الثوب بخمسة عشر درهما صح بلا خلاف، ولهذا لا يجوز تفسير كل واحد منهما: فيقول خمسة درهما عشرة درهما ويخالف خمسة وعشرون درهما لأنه يصح أن يفسر كل واحد منهما فيقول خمسة دراهم وعشرون درهما، فإذا قال بعتك بخمسة وعشرين درهما أو قال بمائة وثمانين درهما فعلى قول من خالف هناك لا يجوز لأن بعض الثمن مجهول، وعلى القول الآخر وهو الصحيح يصح، وإذا قال علي درهم وألف، لزمه الدرهم، ورجع إليه في تفسير الألف كما لو قال ألف ودرهم، لا فرق بين أن يقدم المعلوم على المجهول أو يؤخره.
ال استثناء من الجمل جايز ويستعمل في القرآن والعشر، وهو على ضربين استثناء من نفي واستثناء من موجب، فالاستثناء من النفي إيجاب، والاستثناء من الإيجاب نفي ولا فرق بين أن يستثنى الأقل ويبقى الأكثر وبين أن يستثنى الأكثر ويبقى الأقل بلا خلاف إلا ابن درستويه النحوي، فإنه قال: لا يجوز استثناء الأكثر من الأقل، وبه قال أحمد بن حنبل وقد بينا صحته في أصول الفقه، ويدل عليه أيضا قوله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (1) " وقال حكاية عن إبليس " فبعزتك لا غوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين (2) " فاستثنى من عباده الغاوين مرة، والمخلصين أخرى ولا بد أن يكون أحد الفريقين أكثر من الآخر، وقال الشاعر:
أدوا التي نقصت تسعين من مائة * ثم ابعثوا حكما بالحق قوالا