المائة إليك، ففعل ذلك، فلما حمل العامل المال إلى رب المال أخذه من يده، وفسخ القراض:
قال قوم: للمقرض أن يرجع بالمائة على رب المال، وقال آخرون ليس له ذلك لأن العامل اقترض المائة من المقرض، وملكها بالقرض وحملها إلى رب المال فقال هذا كله رأس مالك، فليس للعامل أن يرجع على رب المال، لأنه فاعترف له بأن كل ذلك ماله، ولا للمقرض أن يرجع على رب المال لأنه أقرض غيره، فيرجع المقرض على العامل بها وحده، وهذا هو الأقوى.
إذا دفع إليه ألفا قراضا فأذن له في السفر إلى مكة، فسافر فاتفق رب المال معه بمكة وقد نض المال فأخذه من العامل، فأراد العامل أن يرجع إلى بلده، فهل له مطالبة رب المال بنفقة رجوعه إلى بلده، قال قوم له ذلك، وقال آخرون: ليس له ذلك، وهو الأقوى دليلا.
فإذا مات العامل هل على رب المال تكفينه؟ مبني على هذين القولين، فمن قال يلزمه نفقته قال يلزمه تكفينه، ومن قال لا يلزمه نفقته قال لا يلزمه تكفينه وهو الصحيح لأنه لا دليل على لزومه، والأصل براءة الذمة، وأصل المسألة على ما مضى من أن نفقة العامل على نفسه أو من مال القراض، مضى أنه على وجهين، فمن قال يجب فهل له كل النفقة أو ما زاد على نفقة الحضر على وجهين، فمن قال لا نفقة لذهابه فكذلك لرجوعه، من قال له النفقة لذهابه فعليه النفقة لرجوعه.
إذا كان العامل واحدا ورب المال اثنين، فدفع كل واحد منهما إليه مائة قراضا بالنصف، فاشترى العامل جارية لأحدهما بمائة وللآخر أخرى بمائة، ثم اختلطا فلم يعلم جارية الأول من الثاني، قال قوم الجاريتان لربي المال بينهما لأنهما مالهما اختلط بعضه ببعض، ككيسين اختلطا، ويباعان في القراض ويدفع إلى كل واحد منهما نصفه، إذا لم يكن في المال فضل، وإن كان فيه فضل أخذ كل واحد منهما رأس ماله واقتسموا الربح على الشرط وإن كان فيه خسران فالضمان على العامل، لأنه فرط في اختلاط المال.