إن عين له زرعا لم يكن له أن يزرع ما هو أعظم ضررا لما ذكرناه.
وإن اكتراها للغراس وأطلق جاز وفيهم من قال لا يجوز، لأنه يختلف والأول أقوى لأن الأصل جوازه ولا يجوز أن يبني فيها بلا خلاف لأن البناء ضرره مخالف لضرر الغراس بلا خلاف، وإن اكترى بهيمة لم يجز أن يطلق ذلك لأن أنواع الانتفاع فيها تختلف اختلافا متباينا فلا بد من التعيين بلا خلاف.
وإن اكترى دارا جاز إطلاق ذلك وله أن يسكنها ويسكن غيره، وله أن يضع فيها متاعا لا يضر بحيطانها، ولا يجوز أن يفرغ فيها سرقينا وما جرى مجراه لأنه يفسدها، ولا يجوز أن ينصب فيها حدادين وقصارين، لأن ضرره أعظم من ضرر السكنى.
إذا أكراه أرضا على أن يزرعها ويغرسها ولم يعين مقدار كل واحد منهما لم يجز، وقال قوم يجوز، ويغرس نصفه، ويزرع نصفه، والأول أقوى لأن ذلك مجهول لا يجوز العقد عليه.
إذا اكترى أرضا سنة ليغرسها جاز ذلك، لأنها منفعة مقدرة مقدور على تسليمها وله أن يغرس فيها ما لم تنقض المدة، فإذا انقضت المدة لم يجز له بعد ذلك أن يستأنف غراسا لأنه غير مأذون له فيه.
فأما الذي قد غرسها فهل يلزم قلعها نظر، فإن كان شرط عليه قلعها بعد مضي المدة لزمه قلعها لأنه دخل في العقد راضيا لدخول هذا الضرر عليه، فإذا قلعها فليس عليه تسوية الأرض من الحفر، لأنه قلع مأذون له فيه، وإن لم يشرط عليه القلع لكن أطلق لم يجبر على القلع، لأن إطلاقه يقتضي التأبيد لأن الغراس يراد للتأبيد، و يرجع في ذلك إلى العرف.
فإذا ثبت أن له التبقية على ما يقتضيه العرف، فإن أراد قلعها كان ذلك له لأنه ملكه، وإذا قلعها فعليه تسوية الحفر لأنه غير مأذون له فيه أي في ذلك القلع، و إن لم يرد قلعها كان المكري بالخيار بين ثلاثة أشياء: بين أن يغرم له قيمتها ويجبر المكتري على أخذها، فيحصل له الأرض بغراسها، وبين أن يجبره على قلعها بشرط أن