الذي سماه، وهو أن يكون قد أكراها ليزرع الطعام فأراد أن يزرعها قطنا أو دخنا أو كتانا أو ما أشبه ذلك، لم يجز، لأن هذه أضر بالأرض من الطعام.
فإذا ثبت هذا فإن للمكري أن يمنعه من ذلك، لأنه ضرر لم يتناوله عقد الإجارة، فإن خالف فزرع لم يخل إما أن يكون المكري علم بذلك بعد أن أدرك الزرع واستحصد، أو قبل أن يدرك، فإن كان بعد أن أدرك واستحصد، قال قوم: لرب الأرض الخيار إن شاء أخذ الكري وما نقص الأرض كما ينقصها الطعام أو يأخذ منه كري مثلها وقال آخرون له أجرة المثل والأول أشبه بالصواب.
وكذلك إذا اكترى منزلا يسكنه فجعل فيه القصارين والحدادين فيقطع البناء، أو اكترى غرفة ليترك فيه ألف من قطن فيترك فيه ألف من حديد فانشقت، كل هذه المسائل فيها قولان أحدهما وهو الصحيح أنه يأخذ الأجرة المسماة، وقدر ما نقص بالتعدي.
هذا كله إن علم به وقد استحصد الزرع، فأما إذا علم بذلك قبل أن يدرك الزرع، فإن له أن يقلعه، لأنه غير مأذون له فيه، كالغاصب إذا زرع الأرض، فإذا قلعه نظر، فإن كانت المدة التي قد بقيت يحتمل أن يكون متى يزرع في مثلها زرع يدرك فيها كان للمكتري أن يزرعها، وإن لم يحتمل لم يكن له أن يزرعها، وقد استقرت الأجرة عليه، لأنه فوت المنفعة على نفسه، فهو كما لو أمسكها طول المدة ولم يزرعها.
إذا اكترى أرضا وأطلق لم يجز لأنها تكترى لمنافع مختلفة متباينة، فلا بد من تعيين جنس منها، كما إذا اكترى بهيمة وأطلق لم يجز، لأن البهيمة ينتفع بها بأجناس مختلفة فلا بد من التعيين.
وإن اكترى الأرض ليزرعها وأطلق الزرع جاز، وله أن يزرع أي زرع شاء، وإن كان أبلغ ضررا، وفيهم من قال لا يجوز ذلك، لأن أنواع الزرع تختلف وتتباين، فلا بد من التعيين والأول أقوى.
ومتى اكتراها للزرع لا يجوز له أن يغرس فيها لأن الغرس أعظم ضررا وكذلك