لا ماء لها جاز العقد لأنه ينتفع بها بغير الزارعة، فيكون للمكتري أن يجعلها بيدرا يدوس فيها الغلات أو يجعلها حظيرة للغنم أو يضرب فيها الخيم أو ينصب فيها الشباك يصطاد بها، أو غير ذلك من وجوه الانتفاع إلا أنه لا يبني ولا يغرس لأنها للتأبيد وفيها إضرار بالأرض فلا يجوز إلا بالشرط.
وإن أطلقا ذلك فلم يذكر أنها للزراعة ولا أنه لا ماء لها، من الناس من قال يبطل العقد لأن الزراع إنما يقصد بها الزراعة فإطلاق العقد فيها يرجع إلى المقصود فهو كما لو أكراها للزراعة، ومنهم من قال إن علم المكتري أنه لا ماء لها ولا يمكن أن يجري إليها صح العقد لأن مثلها لا يكون للزراعة، فيكون كأنه شرط ذلك في العقد، فينتفع بها بما ذكرناه من وجوه الانتفاع إذا شرط أنه لا ماء لها.
وإن كانت بحيث يمكن أن يسقي بطل العقد، لأنه يحتمل أن تكون للزراعة وقد أطلق العقد فلم يذكر وجه الانتفاع بها، فكان ذلك باطلا، وأما المواضع التي يكون في بلاد لا ينقطع فيها المطر مثل طبرستان وغيرها فإنه يجوز إجارتها وإن كانت لا تسقى إلا بالمطر لأن المطر فيها معتاد بمجرى العادة والغالب أنه لا ينقطع.
الأرض إذا كانت لا تسقى إلا بزيادة ماء في النهر نظر فإن كانت الزيادة التي تسقى بها نادرة ففيه ثلاث مسائل أوليها إذا استأجرها للزراعة، فإن العقد يكون باطلا لأنه استأجرها لمنافع لا يمكن استيفاؤها والثانية إذا استأجرها على أنها أرض بيضاء لا ماء لها جاز ذلك، وينتفع بها بغير الزراعة، مثل ما ذكرناه، وإن أطلق بطل العقد لأنه يمكن إجراء الماء إلى هذه الأراضي من نهر أو بئر أو غيره، فاحتمل أن تكون الإجارة للزراعة، فبطل العقد كما لو صرح أنها للزراعة.
وإذا كانت المسألة بحالها غير أن الماء زاد تلك الزيادة التي تسقى بها جاز إكراؤها لأنه يملك الانتفاع بها في الحال، والماء الذي يستقى بها موجود، وأما إذا كانت تلك الزيادة زيادة معتادة جاز عقد الإجارة لأنه مأمون الانقطاع في الغالب وذلك مثل أرض البصرة التي تسقى بالمد لأن للمد وقتا معتادا لا ينقطع فيه، وكذلك سائر الأراضي التي تسقى بالزيادة المعتادة التي توجد في كل سنة في وقتها.