أنكر فلان الشراء، فالصحيح أنه تثبت الشفعة لأن البايع أقر بحقين حق للمشتري و حق للشفيع، فإذا رد أحدهما ثبت حق الآخر، كما لو أقر بدار لرجلين فرده أحدهما فإنه يثبت للآخر.
وقال قوم لا تثبت الشفعة لأنها تثبت بثبوت المشتري فإذا لم تثبت فلا شفعة، فمن قال لا شفعة فالخصومة بين البايع والمشتري فيكون القول قول المشتري مع يمينه، فنن حلف برئ وإن نكل حلف البايع وثبت البيع ووجب له على المبتاع الثمن، وقضينا للشفيع بالشفعة على المشتري.
وعلى ما قلناه من أن له الشفعة فلا يخلو البايع من أحد أمرين إما أن يؤثر محاكمة المشتري أو يدع، فإن آثر ترك محاكمته، قلنا له تسلم الثمن من الشفيع، وسلم الشقص إليه، ويكون الدرك له عليك، وإن اختار محاكمة المشتري فهل له ذلك أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما ليس له ذلك، لأن المقصود من البيع حصول الثمن وقد حصل فلا فايدة في الخصومة، والثاني له مخاصمته لأن له فايدة بأن تكون معاملة المشتري أسهل من الشفيع، فيكون المعالمة بينه وبين المشتري دون الشفيع فيما يقع من العقد والدرك معا فلهذا كانت له مخاصمته.
فمن قال ليس له مخاصمة المشتري قال: عليه قبض الثمن من الشفيع وتسليم الشقص والدرك عليه، ومن قال له مخاصمة المشتري، فالقول قول المشتري مع يمينه، فإن حلف سقطت دعوى البايع، ويأخذ الشفيع منه الشقص، وإن نكل حلف البايع ويستحق الثمن على المشتري، والشفيع يأخذ الشقص من المشتري بالثمن، لأن الشراء ثبت له، و يكون عهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البايع.
هذا إذا اعترف البايع بالبيع وأنه ما قبض الثمن من المشتري فإن اعترف أنه قبض الثمن من المشتري، وأنكر المشتري الكل فهل للشفيع الشفعة أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما لا شفعة، لأن الشفيع إنما يأخذ الشقص بالثمن، وههنا لو قضينا بها له أخذه بغير ثمن، والآخر له الشفعة، لأن البايع أقر بحق المشتري والشفيع معا.