يسألوني عن الفطرة ويسألوني أن أحمل قيمتها إليك، وقد بعثت إليك العام عن كل رأس من عيالي بدرهم على قيمة كل تسعة أرطال بدرهم، فرأيك جعلني الله فداك في ذلك، فكتب (عليه السلام) الفطرة قد كثر السؤال عنها، وأنا أكره كل ما أدي إلى الشهرة. فاقطعوا ذكر ذلك، واقبض ممن دفع لها وأمسك عمن لم يدفع " وقال إسحاق بن عمار (1): " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك ما تقول في الفطرة أيجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الأشياء التي سميتها؟ قال: نعم، إن ذلك أنفع له يشتري ما يريد " وعنه أيضا في موثقه الآخر (2) " لا بأس بالقيمة في الفطرة ".
بل ربما استفيد من الأخير إخراج القيمة من الدراهم وغيرها، بل عن مبسوط الشيخ التصريح بهذا التعميم، فقال: " يجوز إخراج القيمة عن أحد الأجناس التي قدرناها سواء كان الثمن سلعة أو حبا أو خبزا أو ثيابا أو دراهم أو شيئا له ثمن بقيمة الوقت " وأشكله في المدارك بقصور الرواية المطلقة من حيث السند عن إثبات ذلك، واختصاص الأخبار السليمة باخراج القيمة من الدراهم، وفيه ما تبين في الأصول من حجية الموثق، نعم قد يشكل بانصراف خصوص النقدين من القيمة، بل الظاهر المسكوك منهما، لكن قد تقدم في الزكاة المالية ما يستفاد منه قوة التعميم المزبور هنا، ضرورة أولويته منها أو مساواته، فلاحظ وتأمل، بل ربما ظهر من خلاف الشيخ وغيره كون المسألتين من باب واحد، فيكون حينئذ ذلك من معقد إجماعه كما هو ظاهر غيره، بل لم يظهر الخلاف إلا من ظاهر مقنعة المفيد. ولعله لا يريده، والاقتصار في النصوص على الدراهم لغلبتها في ذلك الزمان، وإلا فلا ريب في إجزاء الدنانير وغيرها من النقد المسكوك، والظاهر خروج ما يكون كالصلح مع الحاكم الذي هو ولي الفقراء عن البحث، كخروج المدفوع إلى الفقير بثمن من النقد ثم يحتسب ذلك فطرة عنه أيضا