" والمؤلفة قلوبهم هم الذين يستمالون إلى الجهاد بلا خلاف " فيكون معقد نفي الخلاف حينئذ، وإن كان ظاهره الاطلاق كالحلبي في إشارة السبق، حيث قال: " هم المستعان بهم في الجهاد وإن كانوا كفارا " ونحوه النافع والمعتبر والتذكرة، وظاهرهم أو صريحهم أنهم مسلمون وكفار كما هو صريح المحكي عن المفيد، واختاره ابن إدريس وغيره، كما أنه مال إليه جماعة من المتأخرين، بل ظاهر كتاب الأشراف للمفيد اختصاصهم بالمسلمين قال فيه: " هم الداخلون في الايمان على وجه يخاف عليهم معه مفارقته، فيتألفهم الإمام بقسط من الزكاة، لتطيب نفوسهم بما صاروا إليه ويقيموا عليه، فيألفوه ويزول عنهم بذلك دواعي الارتياب " وعن حواشي القواعد للشهيد الأول لا ريب أن التأليف متحقق في الجميع، إلا أن المؤلفة قلوبهم زمن النبي (صلى الله عليه وآله) الذين كان يعطيهم من الزكاة وغيرها زيادة على غيرهم ما كانوا كفارا ظاهرا، بل مسلمين ضعيفي العقائد أشرافا في قومهم كأبي سفيان والأقرع بن حابس وعيينة بن حصين ونظائرهم (نظرائهم خ ل) وهم معلومون مضبوطون بالعدد بين العلماء، وقد أحسن ابن الجنيد حيث عرفهم بأنهم من أظهر الدين بلسانه وأعان المسلمين وإمامهم (عليه السلام) بيده، وكان معهم إلا قلبه، إلى آخره.
وفي صحيح زرارة أو حسنه (1) عن الباقر (عليه السلام) " سألته عن قول الله عز وجل (2): " والمؤلفة قلوبهم " قال: هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله)، فأمر الله نبيه أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم، ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به، وأن