المشهور قال: وعلى هذا الحساب يؤخذ ما هو أعلى وأدنى بدرجتين أو ثلاث بدليل الاجماع المشار إليه، فإن أصحابنا لا يختلفون في جواز أخذ القيمة في الزكاة، مضافا إلى ترك الاستفصال في بعض النصوص، كالمروي عن قرب الإسناد (1) " عيال المسلمين أعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا وطعاما وأرى أن ذلك خير لهم فقال:
لا بأس " وغيره مؤيدا ذلك كله بما يظهر من حسنة يزيد بن معاوية (2) وغيرها من النصوص من إرادة المسامحة للمالك، وأنها مواساة. فلا يكلف بالشاق، وبأن القيمة غالبا تكون أنفع للفقير، وبأن المقصود من الزكاة رفع الخلة وسد الحاجة ونحو ذلك مما يحصل بالقيمة والعين، بل ربما يكون دفع العين في بعض الأوقات ضررا على الفقير لحاجته إلى السياسة العاجز عنها، وربما حصل ضرر عليه بذلك حتى لو أراد لم تحصل بيده، بخلاف دفع القيمة من الراغب فيها وربما صعب عليها فراقها لشدة أنسه بها وشدة تعبه عليها، فهي عنده بمكانة ليست عند غيره، وبما دل على أن للمالك التخيير في العين والتغيير، وبأن الساعي مأمور ببيع الأنعام، وأن المالك أحق من غيره، حتى ورد في خبر محمد بن خالد (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في أدب الساعي إلى أن قال:
" فإذا أخرجها فليقومها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها صاحبها فهو أحق بها، وإن لم يردها فليبعها " بل قيل: إنما يكون أحق بها لو جاز له العدول إلى القيمة، وإن كان قد يناقش بامكان منع ذلك، بل أخذ العين منه أولا ثم بيعها منه قد يدل على عدم جواز دفع القيمة، لكن قد يقال: إن أخذ العين للتقويم بزيادة حتى تقف على ثمن، فيكون ذلك لتعرف القيمة، بل قد يدعى ظهور الخبر المزبور في ذلك،