مع أنه اجتهاد في مقابلة الكتاب والسنة أن توقف الأخذ على العمل لا ينافي الاستحقاق لها بشرط العمل، بل لا ينافي أخذها باعتباره لا باعتبار الفقر، ولذا جازت له مع الغنى كابن السبيل الغني في بلده، وما ورد في النصوص (1) من أن علة شرعها الفقر لا يقتضي اختصاص جهة صرفها فيه.
(و) على كل حال فللعمال أحكام كثيرة قد اشتمل صحيح يريد (2) على جملة منها، إلا أن الذي (يجب أن يستكمل فيهم أربع صفات: التكليف) بلا خلاف أجده فيه ولا إشكال، فلا تجوز عمالة الصبي والمجنون ولو بإذن وليهما، لأنها نيابة عن الإمام (عليه السلام) في الولاية على قبض مال الفقراء وحفظه لهم، وهما قاصران عن ذلك (و) من هنا اعتبر فيهم (الايمان) بالمعنى الأخص، لعدم جواز هذه الولاية لغيره، إذ هي غصن من شجرة العهد الذي لا يناله الظالمون، مضافا إلى عموم ما دل (3) على عدم جواز إعطائهم الصدقات (و) إلى ما حكي من الاجماع في الروضة والمفاتيح على اعتبار (العدالة) فيهم المعلوم انتفاؤها في غير المؤمن، والخلاف الآني في اعتبار العدالة في المستحقين في غير المقام، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) (4) لمصدقه الذي أرسله إلى الكوفة: " انطلق يا عبد الله وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك، وكن حافظا لما ائتمنتك عليه، راعيا لحق الله فيه - إلى أن قال له -:
فإذا قبضته - أي حق الله - فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشئ منها، ثم احدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله، فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه ألا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يفرق بينهما، ولا يمصرن لبنها