تلف العين وعدم بقاء النصاب كاشفا عن العدم، وعلى هذا فيكون القضاء معتبرا من هذه الجهة، فإن قلت: المصنف لا يرى الوجوب مطلقا، لأنه يرى أن التركة على حكم مال الميت، فلا ينظر إلى القضاء وعدمه عنده، قلت: وإن كان لا يرى ذلك إلا أن عدم الوجوب إنما يستند إلى كون التركة على حكم مال الميت إذا انتفت جميع موانع الوجوب مثل استيعاب الدين للتركة وعروض التلف قبل قضائه، فإذا وجد شئ من هذه الموانع لم يكن عدم الوجوب مستندا إلى خصوص كون التركة على حكم مال الميت بل يعم القولين، فلا بد من التقييد بانتفاء الموانع، فيكون عدم الوجوب مستندا إلى ذلك، ومن هذا يعلم أن قوله: " لأن التركة على حكم مال الميت " تعليل لقوله أخيرا " لم تجب الزكاة " وأما قوله قبل ذلك: " لم يجب على الوارث " فإنه معلل بأمر آخر، وهو تعلق الدين بالتركة الموجب للحجر على الوارث فيها، لأن الظاهر أن المراد هناك كون الدين مستغرقا، ولقائل أن يقول: إن الوارث متى تمكن من التركة تعلق به وجوب الزكاة إذا كانت تفي بالدين ويبقى بعده نصاب وإن لم يضع يده عليها، ولو تلف بعضها في هذه الحالة لم يسقط من الزكاة شئ، فلا يكون لاعتبار القضاء وجه.
وهي كما ترى متعبة عظيمة لا مقتضي لها، مع أن فيها نظرا من وجوه، وقد عرفت أن المراد من الدين فيها المستوعب، ومن قوله: " ولو قضى " إلى آخره اتفاق زيادة قيمة أعيان التركة بحيث قضي الدين منها، وفضل للوارث نصاب بعد أن كان الدين محيطا بها وقت بلوغها الحد الذي تتعلق به الزكاة، وعدم الوجوب حينئذ لأن التركة على حكم مال الميت عند المصنف وقت تعلق الوجوب، وإذا سقطت الزكاة في هذا الفرض سقطت في غيره أي فيما لم يفضل شئ بطريق أولى، فيكون مراد المصنف التنبيه على الفرد الأخفى، فلا حاجة إلى ذلك كله وإلى حمل كلام المصنف على ما لا يقول به أحد من بقائها على حكم مال الميت وإن لم يكن مستوعبا، ولا إلى غير ذلك مما يحتاج