وإيضاح ذلك أن السقي يقع على أنحاء لا يعدوها: الأول أن يكون فيه النفع التام، فإن كان من السيح والدوالي على السواء أو بتفاوت يسير فالواجب ثلاثة أرباع، فإن كان أحدهما أغلب حتى يكون الآخر في جنبه نادرا ندره تلحقه بالعدم فالحكم حينئذ منوط بالأغلب، تنزيلا للنادر منزلة المعدوم، الثاني أن يكون السقي مضرا بالزرع على اختلاف مراتب الضرر، إذ ربما لزم من السقي تلف الزرع أو أكثره، الثالث أن لا يكون مضرا ولا نافعا بل يكون كالعبث أو عبثا، الرابع أن يكون فيه نفع يسير جدا ويكون النمو والتكون والتعيش إنما هو من جهة أخرى كالجذب بالعروق مثلا، ولا ريب أن قولهم (عليهم السلام): ما سقي بكذا ففيه العشر إلى آخره، إنما ورد على القسم الرابع والأول أن كانا من سنخ واحد، وهذا أمر واضح لا مجال للاشكال فيه، إذ من المعلوم أن الأخبار ليس موردها ما كان فيه نفع يسير جدا وإن دام السقي به طول السنة، فما أظنك بما اشتمل على ضرر أو كان عبثا، إذ لا يرتاب أحد في أن قوله (عليه السلام): " فيما سقت " ليس واردا فيما إذا كان نفع الزرع بسقي السماء يسيرا جدا بحيث يعد نادرا وإن طالت مدته بالنسبة إلى السقي بالدوالي مثلا الكثير النفع الذي لولاه لما حصل التعيش المعتد به، وكذلك الحال في العكس، لا يقال: إنه قد يكون هناك نادر يكون له نفع عظيم في النمو أو الحفظ والتعيش بحيث يساوي نفعه الغالب أو يزيد عليه، لأنا نقول: مع أنه فرض نادر لو تحقق كان معتدا به، فإن ساوى الأول قسط، وإن زاد عليه زيادة توجب للأول عدم الاعتداد به فالحكم له، إلى غير ذلك من كلماتهم التي لا ينبغي الالتفات إليها إذا لم يكن مبناها على ما ذكرنا لما عرفت، ويمكن أن يكون هذا البحث منهم لتحقيق الصدق الذي قلناه وحينئذ فلا ريب في أن الأخير أقربها، بل يمكن أن يقال بعد التأمل مرجعه إلى ما قلناه، وبملاحظته يندفع ما عن جامع المقاصد من التوقف والاشكال في خصوص ما لو كان حفظه أكثر من نموه، كما إذا
(٢٤١)