والراحلة على الاطلاق، ورجحها على تلك الأخبار بموافقة عمل الأصحاب، والاجماعات المحكية، والأصل، والشهرة العظيمة، وظاهر الآية من جهة عدم انصراف إطلاق الأمر فيها إلا إلى المستطيع ببدنه، فاعتبار الاستطاعة بعده ليس إلا لأمر آخر وليس إلا الزاد والراحله بإجماع الأمة.
وبمخالفة قول مالك من العامة، حيث نقل في المنتهى عنه عدم اعتباره الزاد والراحلة (1).
وبشذوذ تلك الأخبار الأخيرة.
أقول: أما الأخبار المذكورة فلا شك أن دلالتها بالاطلاق المنصرف إلى الغالب، وهو احتياج البعيد إلى الراحلة ولو لدفع مطلق المشقة أو حفظ شرف النفس ونحوهما، ولو سلم عدم الانصراف والبقاء على الاطلاق يعارض الأخبار الأخيرة، إما بالعموم والخصوص من وجه، أو مطلقا.
ولا نسلم رجحان الأولى بما ذكر، أما عمل الأصحاب فلانصراف إطلاق كلماتهم أيضا إلى الغالب، مع تصريح جمع كثير منهم بالحاجة (2)، ولذا لم يشترطوها للقريب وراكب السفينة.
ومنه يظهر حال الاجماعات المحكية، مع أن كثيرا منها وارد في شأن غير المحتاج، وكذا حال الشهرة، مع أن الترجيح بهذه الأمور مما لم يثبت اعتباره.
وأما شذوذ الأخيرة، فإن أريد بالنسبة إلى الاطلاق والوجوب على الماشي - ولو بالمشقة - فلا ننكره ولا نقول به، بل يخالف ذلك ظاهر آيات الاستطاعة ونفي العسر.