لكن لا يخفى أنه بناء على تزاحم الضررين، ببيان: أن المقتضي لجعل الحكم لكن من الضررين موجود، والمانع عدم إمكان الجمع بين النفيين بنحو لا يقع أحد في ضرر، فاللازم التخيير بينهما ان لم يكن في البين ترجيح، والا فلا بد من الاخذ بأهمهما لا بأقلهما، فإذا كان أحدهما ضررا ماليا والاخر عرضيا قدم العرضي دون المالي، أو كان كل منهما ماليا مع كون أحدهما قليلا مجحفا كما إذا كان المتضرر به فقيرا دون الاخر لكونه غنيا، فضرر الفقير وان كان قليلا يترك ويؤخذ بضرر الغني وان كان كثيرا، لعدم وقوعه بذلك في حرج، فالمدار في الترجيح على الأهمية، لا الأقلية من حيث هي.
وبناء على تعارض الضررين - لتعارض الفردين من العام، وتنافيهما الموجب لسقوط العام عن الحجية في كليهما - كما هو مذهب الشيخ (قده) وعدم جريان قاعدة نفي الضرر في شئ منهما يرجع إلى سائر القواعد والأصول، هذا.
والحق أن الدوران ان كان بين ضرري شخص واحد كما إذا دار أمره بين أن يبقى في مكانه، فيحترق أو يغرق، وبين أن يفر فيعضه كلب، أو يسقط فينكسر رجله كان من باب التزاحم، لعدم مانع من اجتماع الحكمين في مقام التشريع، بداهة أن المقتضي لجعل نفي الضرر بالنسبة إلى كل واحد من الضررين موجود، الا أنه في مقام الأعمال لا يمكن الجمع بينهما، نظير عدم إمكان الجمع بين إنقاذ الغريقين، فلا بد حينئذ من إجراء حكم التزاحم فيهما من الترجيح بالأهمية، فالأهم منهما مقدم على غيره، ولا عبرة بالترجيح بالأقلية من حيث هي، فلا يقدم الأقل إلا إذا كان أهم، ومن المعلوم أن نفي الضرر الأهم عن شخص منة عليه. وان لم يكن لأحدهما ترجيح، فالحكم التخيير.
وان كان الدوران بين ضرري شخصين، فالظاهر أنه من باب التعارض وان كان المقتضي لنفي كل من الضررين هنا موجودا أيضا، إلا أنه لما كان نفي الضرر عن