زيد على نحو التخيير، أو أكرهه على دفع مال من زيد أو عمرو مخيرا، فان الضرر في كلتا الصورتين دائر بين شخصين. أما الحكم في هذه الصورة من حيث عدم وجوب تحمله للضرر، فواضح، لعدم توجه الضرر إليه أصلا وانما توجه إلى غيره، فلا يجب عليه دفعه بالتحمل عنه. وأما جواز الاخذ من زيد أو عمرو مطلقا أو في خصوص أقل الضررين ان كان، فالظاهر أن أصل جواز الاخذ لأجل الاكراه لا إشكال فيه، وأما خصوص أقل الضررين، فلا ينبغي أن يكون تعينه موردا للاشكال، ضرورة أن في نفي الضرر الأكثر كمال الامتنان، فلجريان قاعدة نفي الضرر فيه مجال. وأما الضرر الأقل فلا بد من الوقوع فيه، والقدر المتيقن من جواز الاضرار بالغير بسبب إكراه الجائر هو الضرر اليسير دون الكثير، فان الضرورات تتقدر بقدرها.
وأما الحكم في الصورة الأولى وهي كون المكره - بالفتح - أحد الشخصين اللذين توجه الضرر إليهما كقول الظالم لزيد: (أعطني مائة دينار من مالك أو من مال عمرو) بحيث يصدق دوران الضرر بين شخصين، إذ لو قال: (أعطني مائة دينار من مالك، وإلا فخذها من مال عمرو أو من أهل القرية مثلا) فهو خارج عن دوران الضرر بين شخصين، ومندرج تحت كبرى توجه الضرر إلى نفسه، وقد تقدم عدم جواز دفعه عن نفسه بإيراده على الغير (فقيل) فيها بجواز الاخذ من عمرو وان كان الضرر كثيرا، وعدم وجوب دفع الضرر عنه بإيراده على نفسه وان كان قليلا بناء على كون الامتنان شخصيا، لتحققه بالنسبة إلى زيد المضر. وبناء على كونه نوعيا لا بد من الترجيح بالأقلية، لكون النوع بمنزلة شخص واحد، وفي الدوران بين ضرري شخص واحد يكون الترجيح بالأقلية، فتأمل.