أقول: لا يخفى أن خبري عقبة بن خالد الواردين في الشفعة وفضل الماء ظاهران بحسب السياق في الجمع بين المروي، أما بناء على كون العاطف في خبر منع فضل الماء (الفاء) كما في الوسائل، فواضح، لظهوره في صدور الجملتين بالترتيب بلا فصل. وأما بناء على كون العاطف الواو كما في الكافي فكذلك، لان ظهور الكلام في صدور الجملتين في واقعة واحدة مما لا ينكر، خصوصا مع تذيل خبر الشفعة بجملة (إذا أرفت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة) مما ظاهره صدور الفقرات الثلاث في مجلس واحد بلا تخلل فصل بينها.
وببيان أخر: أن فاعل كلمة (قال) التي صدر بها الروايتان ضمير يرجع إلى الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام، و (قال) الواردة على جملة (لا ضرر) اما أن يكون معطوفا على (قال) الأول، ونتيجته كون جملة (لا ضرر) من كلام الإمام الصادق عليه السلام، واما أن يكون معطوفا على (قضى) ومعناه أنه عليه السلام حكى أولا قضاءه صلى الله عليه وآله بالشفعة، ثم حكى عليه السلام قوله صلى الله عليه وآله:
(لا ضرر).
والظاهر من هذا النقل ونظائره هو الثاني، لان أمانة الراوي تقتضي التحفظ على خصوصيات كلام الامام، وهو سلام الله عليه شرع في حكاية قضاء النبي بالشفعة، ولم يأت بقرينة دالة على انتهاء كلامه صلى الله عليه وآله حتى يكون الباقي من كلام الإمام عليه السلام. و حينئذ فيرتبط الذيل بالصدر من جهة كون مجموع الرواية كلام النبي صلى الله عليه وآله، ويسقط احتمال الجمع في الرواية.
وكذا بناء على الاحتمال الأول، فإنه وان كان جملة (لا ضرر) من كلام الإمام عليه السلام، فكأنه ألقى إلى عقبة جملا ثلاثا، أولاها قضاء النبي صلى الله عليه وآله بالشفعة، وثانيتها جملة لا ضرر، وثالثتها قيد الشفعة. ولكنه عليه السلام حيث جمع بين الجمل الثلاث - وان لم تصدر من النبي صلى الله عليه وآله في قضية واحدة - فلا بد أن يكون ذلك لأجل فهمه عليه السلام ارتباط (لا ضرر) بالشفعة، وهو حجة لنا قطعا.