منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٤١٦
والتعلم تخلصا عن العقوبة المحتملة، أما للعلم الاجمالي، وإما لمنجزية احتمال التكليف قبل الفحص، وإما لتوقف معذرية الجهل على استقراره المنوط بالفحص.
ويستدل للأول بظهور الامر بشئ في مطلوبيته النفسية وقيام الملاك به، وقد تقرر أن إطلاق الصيغة يقتضي النفسية والعينية و التعيينية، فاحتمال وجوب التعلم غيريا مقدمة للعمل يندفع بهذا الظهور، سواء قلنا بوجوبه النفسي، لكونه نورا كما هو الحق في وجوب المعرفة، أم بوجوبه النفسي التهيئي، لكون الحكمة في إيجابه قابلية المكلف لالقاء الخطابات إليه. وعليه فالعقاب على ترك التعلم و الفحص لا على مخالفة الواقع.
وقد أورد عليه بما محصله: (أن مقتضى الظهور وان كان ما ذكر، الا أن القرينة الصارفة عنه تقتضي كون وجوب التعلم طريقيا وان ترك العمل بترك الفحص ليس عذرا، وتلك القرينة داخلية وخارجية.
أما الداخلية فهي ظهور الامر بالسؤال من أهل الذكر في طريقيته للعمل بما يتعلمونه من الاحكام لا في مطلوبيته النفسية، فان السؤال عن طريق كربلا مثلا انما هو للوصول إلى تلك البلدة المقدسة، ولا خصوصية في العلم بالطريق، وعليه فالترغيب في السؤال من أهل الذكر قرينة على كون الامر به طريقا للعلم بالواقع وإحرازه.
وأما الخارجية فروايتان: إحداهما: رواية مسعدة بن زياد، فان قوله:
(فهلا تعلمت حتى تعمل) صريح في أن وجوب التعلم انما هو للعمل.
وثانيتهما: ما ورد في مجدور صار جنبا فغسلوه فمات فقال عليه السلام: (قتلوه قتلهم الله ألا سألوا ألا يمموه) فان عتابه عليه السلام و دعاءه عليهم لم يكن لمجرد ترك السؤال، بل لترك التيمم أيضا، إذ من الواضح أن مجرد السؤال والتعلم لم