منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٣٥
له، ولكن حكم الشارع بالتخيير الظاهري بينهما انقيادا، وهذا بخلاف التخيير بين المتزاحمين، حيث إنه فيهما واقعي لاشتمال كل منهما على الملاك.
وثانيا: أنه مع العلم بكون الحكم الواقعي تعيينيا لا يمكن إنشاء وجوبين تخييريين ظاهريين، لعدم انحفاظ رتبة الجعل، لاعتبار احتمال مطابقة الحكم الظاهري للواقعي، ومع العلم بالمخالفة لا موضوع لجعل الحكم الظاهري.
وعليه فأصل ما قرره لجعل البدل لا يسلم من الاشكال. وأما إيراده عليه بعدم قيام غير الواقع مقام الواقع، فسيأتي.
وأما المناقشة فيه - بأن وفاء مصلحة البدل بتمام مصلحة المبدل حال الجهل يستلزم عدم صحة جعل الوجوب التعييني للمبدل مطلقا، و لغوية جعله، إذ مقتضى التعيينية عدم استيفاء الملاك بشئ آخر، بل اللازم كون التخيير واقعيا كما في خصال الكفارة، لوفاء كل واحدة منها بغرض الشارع القائم بالأخرى - فيمكن الجواب عنها: بأنه بناء على صحة جعل البدل يستكشف تقيد تعيينية الواجب الواقعي بحال العلم بها، فإذا كانت المصلحة قائمة بالجمعة مثلا صح أن يقال: يتخير المكلف بين الظهر والجمعة إذا لم يعلم بوجوبها تعيينا، ولا إشكال في صحة جعل العلم بمرتبة موضوعا للحكم بمرتبة أخرى، وهذا تخيير ظاهري في طول الوجوب الواقعي، فتدبر.
وأما الوجه الثاني وهو قناعة الشارع بالموافقة الاحتمالية، فما وجهه عليه من المحذور يمكن الجواب عنه نقضا بما اختاره (قده) في قاعدتي الفراغ والتجاوز من أن مفادهما الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية.
وحلا أولا بعدم اقتضاء الترخيص في بعض الأطراف لسقوط الحكم الواقعي عن الفعلية حتى تجوز مخالفته القطعية،