منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٤٦
والحاصل: أن العقل يستقل بقبح الاقدام على ما يوجب فوات مطلوب المولى مع علم المكلف بأن للمولى حكما إلزاميا ذا مصلحة تامة، ففي باب المقدمات المفوتة يحكم العقل بلزوم حفظ القدرة على ذي المقدمة. وفي المقام يستقل بلزوم ترك الاقتحام في كل واحد من الأطراف مقدمة لحصول غرض المولى، لأنه يحتمل أن يكون ظرف وقوع الوطء المحرم في كل من أول الشهر وآخره هو ظرف تحقق الملاك والخطاب وعليه فلا فرق في منجزية العلم الاجمالي في الأطراف التدريجية بين الأمثلة المتقدمة التي يكون الزمان تارة ظرفا محضا لها كما في المعاملة الربوية، وأخرى دخيلا في الملاك و الخطاب كما في مثال الحيض المردد، بضميمة حكم العقل بقبح تفويت مراد المولى والالقاء في المفسدة.
لكن الذي يسهل الخطب أن مثال الحيض أجنبي عن هذا البحث و ليس من أمثلته كما قيل، ضرورة أن الحائض بأقسامها من ذات العادة و المبتدئة والمضطربة والناسية والمستمرة الدم قد اتضحت أحكامها في الشريعة المقدسة.
ولو سلم اندراجه في هذا البحث فالحق فيه ما تقدم آنفا.
ومما ذكرناه ظهر الغموض في حكم شيخنا الأعظم بالرجوع إلى استصحاب الطهر ثم إلى أصالة الإباحة، فان عدوله عنه إليها في الأيام الأخيرة من الشهر وان كان متينا في نفسه، للعلم بانتقاض للحالة السابقة بعد تحقق الان الأول من ثلاثة أيام في آخر الشهر، فتتعارض الاستصحابات، فيرجع إلى الأصل المحكوم وهو أصالة الإباحة. لكن المجعول وهو الترخيص حيث كان موجبا لتفويت الغرض الملزم كما عرفت فلا يمكن المصير إليه.
وتوجيه جريان الاستصحاب بما في تقرير شيخ مشايخنا المحقق النائيني (قده)