منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٣٦
إذ لو كان المقام نظير باب الاجتماع في كون الحركة الشخصية مأمورا بها ومنهيا عنها توجه حديث الكسر والانكسار بين مصلحة الصلاة ومفسدة الغصب ورعاية أقوى الملاكين بناء على كونه من باب التزاحم لا التعارض، ولكن مصلحة التسهيل هنا غير مزاحمة لمفسدة الخمر الواقعي المعلوم بالاجمال، لتعدد الرتبة، إذ الأولى قائمة بنفس الترخيص نظير المصلحة في نفس سلوك الطريق الخاص غير المؤدي إلى الواقع، لا في ذي الطريق حتى تتحقق المنافاة للملاك الواقعي ويصير مغلوبا بها، ضرورة أن التمانع بين الحكم الواقعي والظاهري اما أن يكون في المبدأ واما في المنتهى كما اختاره في الجمع بينهما، ومع قيام الأول بالمجعول والثاني بنفس الجعل يتعدد الموضوع ويرتفع التنافي نعم الحلية في مورد الاضطرار إلى الخمر ليست ظاهرية لكون الاضطرار من قيود الواقع.
والحاصل: أن دعوى استلزام القناعة في مقام الامتثال لغلبة مصلحة التسهيل على ملاك الحكم الواقعي عهدتها على مدعيها، لعدم مصادمة مناط الحكم الظاهري للواقعي، والا لاختل الجمع بينهما من ناحية الملاك، وهذا مناف لما اختاره في الجمع بينهما.
وثانيا: بعد تسليم المزاحمة بينهما، بأن اللازم رفع اليد عن وجوب الموافقة القطعية، لا سقوط أصل الحكم الواقعي عن الفعلية حتى تجوز مخالفته القطعية، إذ الضرورات تتقدر بقدرها، فلا بد من رفع اليد عن المقدار المبتلى بمزاحمة مصلحة التسهيل وهو الاحتياط التام، ولا وجه لارتفاع فعلية الحكم رأسا، إذ القائل بجعل البدل يدعي أن الشارع بملاحظة ملاك الترخيص يأذن في مخالفة الواقع مع تداركه بالاجتناب عن الطرف الآخر، يعني إبقاء الواقع بنفسه أو بما يتدارك