منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٨٥
لما كان متقيدا بالقدرة، فما ينتزع منه لا بد أن يكون أيضا كذلك، فلا وجه لدعوى الجزئية المطلقة، والدليل المتكفل لحكم الجز المفروض كونه إرشادا لا بد من كونه إرشادا إلى هذه الجزئية المنتزعة من الامر الضمني، لا إرشادا إلى الجزئية المطلقة والدخل في تمام الحالات.
قلت: لا يلزم اختصاص الجزئية بحال الالتفات، للفرق بين ما يدل على جزئية شئ للمأمور به بما هو مأمور به، وبين ما يدل على الجزئية للمركب. والأول مدلول الجزئية المنتزعة من الامر النفسي الضمني بالجز المأخوذ من الامر بالكل وتتقيد بالالتفات، والثاني مدلول مثل (اركع في الصلاة) المفروض كونه إرشادا محضا إلى ما هو الجز للمركب والوافي بغرضه وملاكه، ومن المعلوم عدم تفاوت الأحوال فيما يكون جزا لما تقوم به المصلحة الداعية إلى الامر، فهذه تدل على الجزئية المطلقة.
وبهذا تصح دعوى إطلاق الجزئية لحال النسيان وغيره، وعدم الاجتزاء بالفاقد للمنسي، فالاكتفاء بما عدا المنسي انما هو بدليل آخر، والا فالاطلاق المزبور يقتضي عدم الاجتزاء به.
وقد تصدى شيخنا المحقق العراقي (قده) لاثبات إطلاقها مع الغض عما تقدم بوجهين آخرين، أحدهما: ما محصله: أن حكم العقل بقبح مطالبة الناسي ليس في الارتكاز والوضوح كقبح مطالبة العاجز في كونه قرينة متصلة بالكلام مانعة عن انعقاد ظهور لدليل الامر بالجز في الاطلاق، بل هو كالقرينة المنفصلة المانعة عن حجية الظهور لا عن أصله، لعدم التفات الذهن إليه الا بعد إمعان النظر و التأمل في المبادي التي أوجبت حكم العقل به، وحينئذ فالساقط عن الاعتبار