منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٣٣
لأنه يقال (1): ان الجزئية وان كانت غير مجعولة بنفسها، الا
____________________
(1) هذا دفع الاشكال وإيراد على كلام الشيخ الأعظم، ومحصله: أن الجزئية وان لم تكن مجعولة لكونها أمرا انتزاعيا، الا أن منشأ انتزاعها وهو الامر مجعول شرعي، وهذا يكفي في جريان البراءة فيها، إذ المهم كون مجرى الأصل مما تناله يد التشريع وضعا ورفعا ولو بالواسطة سواء كان مجعولا بالاستقلال كالأحكام التكليفية المستقلة كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال، أم بالتبع كالأحكام الوضعية نظير الجزئية والشرطية ونحوهما، فمجرد تبعية الوضع للتكليف لا يمنع من شمول الحديث له، لامكان رفعه برفع منشأ الانتزاع وهو تعلق الامر النفسي بالأكثر. وضمائر (بنفسها، أنها، انتزاعها) راجعة إلى الجزئية.

رفع الأحكام التكليفية والوضعية: (قلت: مجرد تبعيتها لها في الرفع و الوضع لا يقتضي اتحاد رفعها مع رفعها ووضعها مع وضعها، بداهة أن السببية والمسببية تقتضيان الاثنينية لا الاتحاد والعينية).
وفيه: أن الاشكال المزبور لا يندفع بما أفاده (قده) سواء أكانت الجزئية منتزعة عن الامر أم مسببة عنه، ضرورة أنه على الأول لا وجود للجزئية حتى تنفي بالأصل، وانما الوجود لمنشأ انتزاعها، إذ الامر الانتزاعي اعتبار يعتبره المعتبر من وجود شئ، فلا وجود له حتى ينفي بأصل البراءة. وعلى الثاني وان كان لكل من السبب والمسبب وجود على حدة، الا أنه لما كان المسبب رشحا وأثرا له فلا يعقل بقاء السبب التام بعد انتفاء مسببه، بل ارتفاعه يكشف عن انتفاء سببه لعدم انفكاك المعلول عن علته التامة، كعدم تعقل عدم تأثير العلة التامة في معلولها.
فالنتيجة: امتناع نفي الجزئية مع بقاء الامر سواء كانت الجزئية مسببة عن الامر أم منتزعة عنه.
(٢٣٣)
مفاتيح البحث: السب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست