منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٢٨
الموافقة القطعية للشك في تعلق التكليف بكل واحد منها موجود، فيكون وجود العلم بالحكم في الشبهة غير المحصورة كعدمه، فلا تجب موافقته كما لا تحرم مخالفته.
وفيه أولا: أن القدرة المعتبرة في الاحكام وهي القدرة على نفس متعلقاتها حاصلة في المقام، إذ عدم التمكن فيه ناش من اشتباه متعلق الحكم بين أمور كثيرة لا يقدر المكلف على الجمع بينها لا من نفس متعلقه، ولذا تجب الإطاعة بالمرتبة المقدورة من مراتبها من التبعيض في الاحتياط أو الإطاعة الظنية أو الاحتمالية إذ الموجب لتنجيز التكليف واستحقاق المؤاخذة على مخالفته هو نفس العلم المنجز، لاحتمال انطباق المعلوم بالاجمال على كل واحد من الأطراف سواء كانت محصورة أم غيرها.
وثانيا: أن المخالفة القطعية ليست حراما شرعيا حتى يقال بعدم حرمتها لعدم القدرة عليها كي يلتزم بعدم وجوب الموافقة القطعية أيضا بدعوى الملازمة بينهما، بل قبح المخالفة القطعية عقلي، لكونها موجبة لاستحقاق العقوبة.
وثالثا: أنه لا ملازمة بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة القطعيتين، فقد تجب الأولى مع الامكان، ولا تحرم الثانية لعدم التمكن منها، كما إذا علم بحرمة الجلوس في أحد مكانين في وقت معين، فإنه مع عدم التمكن من المخالفة القطعية بالجلوس في كليهما في ذلك الوقت تجب الموافقة القطعية بترك الجلوس فيهما.
ورابعا: أن جعل مناط تعارض الأصول مطلقا في جميع الأطراف لزوم المخالفة القطعية العملية مخالف لمبناه (قده) من مانعية المخالفة العملية عن جريان خصوص الأصول غير التنزيلية في أطراف العلم الاجمالي كأصالتي البراءة