منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٨
وذلك لما فيه أولا من انتقاضه بمثل حديث الرفع مع استقلال العقل بقاعدة القبح. وثانيا من ترتب الأثر الشرعي على جعلها بالخصوص، ضرورة أنه يجري الاستصحاب في نفس هذا المجعول الشرعي عند الشك في ورود النهي عنه، ولا يجري في اللا حرجية العقلية كما صرح هو (قده) به من جهة أنها ليست من مقولة الحكم حتى يتعبد بها بالاستصحاب.
نعم ما أفاده (قده) في وجه امتناع تقييد موضوع الإباحة بعدم ورود النهي عنه في غاية المتانة، لما تقرر في محله من أن الضدين في رتبة واحدة وجودا وعدما، وعليه فيمتنع أن يكون عدم صدور النهي قيدا للإباحة.
وما أفيد (من أنه خلط بين الأمور التكوينية والاعتبارية، وأن الممتنع هو عدم مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الاخر في التكوينيات دون الاعتباريات التي منها الأحكام الشرعية، فلا مانع من تقييد الإباحة بعدم صدور النهي) غير مفيد، إذ المفروض أن الامر الاعتباري تابع لكيفية اعتباره، فالملكية مثلا من الأمور الاعتبارية المنوطة برضا المالك، فإذا فرض حصولها قبل تحقق رضاه لزم الخلف وعدم شرطية ما فرض شرطا لحصولها، ومقتضى شرطيته وكونه من أجزأ علة الملكية هو تقدمه عليها، وعليه فمجرد كون الإباحة و الحرمة وغيرهما من الاحكام أمورا اعتبارية لا يوجب صحة تقييد الإباحة بعدم ضدها مع تسليم التضاد بينهما الموجب لوحدة رتبتهما.
والحاصل: أن ما أفاده (قده) في وجه امتناع أخذ عدم النهي قيدا في موضوع الإباحة الواقعية تام لا غبار عليه، فلا يمكن جعل (المطلق) بمعنى المباح الواقعي.
لكن قد عرفت الاشكال في الفرض السابق، وأن إرادة الإباحة الشرعية الواقعية