منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٨٢
بالتضايف محال، لاستلزامه الدور، بداهة توقف التضايف على كون الورود بمعنى الوصول، والمفروض توقفه على التضايف.
نعم لو أريد إثبات معنى الوصول للورود بكثرة موارد الاستعمالات، و أن الورود لم يستعمل غالبا إلا في الوصول الذي يحتاج إلى المورود بحيث لا يتبادر منه عند الاطلاق الا هذا المعنى كان ذلك وجيها، ولم يرد عليه إشكال الدور، لكن ظاهر كلامه (قده) استظهار كون الورود بمعنى الوصول من التضايف، بحيث يكون التضايف بنفسه من الأدلة.
وكيف كان، فلو ثبت شيوع استعمال الورود بمعنى الوصول كما هو الظاهر بحيث يتبادر منه هذا المعنى بلا قرينة صح الاستدلال بالمرسلة على البراءة كما استدل بها عليها شيخنا الأعظم (قده) وإلا لم يصح الاستدلال بها لمكان الاجمال. وان لم يثبت الشيوع المزبور أو ادعي ظهوره في الصدور، لان ظاهر الحديث هو بيان الورود في نفسه المساوق للصدور، فكأنه قيل: كل شئ مطلق حتى يصدر فيه نهي، فيراد بالاطلاق حينئذ اللا حرج العقلي، لأنه المناسب لان يغيا بصدور فيه النهي فيه (فيكون) دليلا على الإباحة في مسألة الحظر والإباحة وليس دليلا لمسألة البراءة. كما أنه ليس دليلا على الإباحة الشرعية الواقعية لكل شئ إلى أن يصدر فيه نهي، إذ لازمه تعدد التشريع للموضوع الواقعي، وذلك لان المجعول الشرعي الواقعي أولا لكل شئ على ما يظهر من الحديث هو الإباحة، ثم الحرمة و النهي طار عليها، فكل ما نهي عنه كان مباحا ثم عرض عليه النهي. مع أنه ليس كذلك، لان كل شئ بحسب مقتضى ملاكه يجعل له أحد الأحكام الشرعية، لا أنه يجعل فيه أولا الإباحة ثم الحرمة مثلا، فتدبر.