منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٨١
فيه أصلا، لان الاحكام قد شرعت وبينها النبي صلى الله عليه وآله و الأئمة عليهم السلام، ولا يترتب ثمرة على بيان الإباحة قبل الشرع حينئذ. وأما إذا أريد بالقبلية، القبلية الرتبية كما يساعده عنوان هذه المسألة وأدلة القائلين بالحظر والإباحة والوقف، بمعنى (أن الأشياء بنظر العقل مع الغض عن الشرع هل هي محظورة أم مباحة) فليس بيان الإمام عليه السلام: (كل شئ مطلق) بعيدا عن مقامه، لأنه يرشد إلى أنها على الإباحة فتصلح المرسلة للاستدلال بها على أصالة الإباحة في مسألة الحظر والإباحة.
ثانيهما: أن إباحة الأشياء قبل الشرع لو كانت مما يستقل بها عقل كل عاقل كان لما أفاده من الاستبعاد وجه، لأنه بيان لما هو بديهي. و لكن الظاهر خلافه فان نزاع الحظر والإباحة مما تضاربت فيه آراء أعلام العلم والتحقيق، فالسيد المرتضى على الإباحة، وجماعة على الحظر، والشيخان على الوقف، فلو كانت اللا حرجية العقلية كاستحالة اجتماع النقيضين في البداهة والضرورة لم يبق مورد لذلك النزاع، وعليه فلا مانع من حمل (مطلق) على الإباحة المالكية قبل الشرع وكون المرسلة ردا على أصالة الحظر والوقف.
ومنها: ما أفاده من أن مقتضى كون الورود من الأمور المتضايفة إرادة الوصول منه دون الصدور، إذ لا يعقل تحقق أحد المتضايفين دون الاخر، والمورود هنا ليس إلا المكلف دون متعلق الحكم. إذ فيه:
أن استظهار الوصول من الورود بالتضايف المختص بهذا المعنى كما هو مفروض كلامه (قده) دون معناه الاخر وهو الصدور غير ظاهر، ضرورة أنه لا مجال للبناء على التضايف إلا بعد إثبات كون الورود بمعنى الوصول، وإثباته مع استعمال الورود في كلا المعنيين و هما الصدور والوصول وفرض اختصاص التضايف بالثاني مشكل، بل إثبات ذلك