منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٥٠
المرادية، ومن المعلوم أن موضوع كل من دليلي البراءة والاحتياط عام شامل للشبهة الموضوعية والحكمية مطلقا بدوية كانت أم مقرونة بالعلم الاجمالي، والبدوية مطلقا أيضا يعني قبل الفحص و بعده، لوضوح أن (ما لا يعلمون) (وما حجب) عام كعمومية (الشبهة) وتوهم عدم صدق الشبهة على البدوية قبل الفحص، لكونها في معرض الزوال بالفحص، فلا تشملها أدلة البراءة، فتختص بالشبهة بعد الفحص، فاسد، إذ لازمه خروجها عن دائرة أدلة الاحتياط أيضا، لوحدة الموضوع فيهما مع أنها مشمولة لها قطعا، إذ لا ريب في وجوب الاحتياط قبل الفحص عند الكل.
و بالجملة: فالنسبة بين دليلي البراءة والاحتياط هي التباين.
وأخرى بأن الأخصية لا تنفع في رفع التنافي في خصوص المقام، فان بعض أخبار البراءة وان كان أخص، ولكن أخبار الاحتياط آبية عن التخصيص كما سيأتي اعتراف المصنف به، فيتعين تقديم أخبار البراءة بمناط أظهريتها في حلية المشتبه.
وتحقيق المقام يقتضي بسطا في الكلام، وملاحظة النسبة بين كل من أخبار البراءة والاحتياط بألسنتها المختلفة، فنقول وبه نستعين:
أما حديث الرفع فان كان المراد به رفع التكليف الواقعي في مرحلة الظاهر كما تقدم في كلام المصنف: (فهو مرفوع فعلا) فالتنافي بينه وبين أدلة الاحتياط كما تقدم في كلام المصنف: (فهو مرفوع فعلا) فالتنافي بينه وبين أدلة الاحتياط ظاهر، لاقتضائه عدم فعلية التكاليف الواقعية، واقتضاء تلك الأخبار فعليتها ووصولها إلى العبد بلسان جعل الاحتياط، وهو حجة قاطعة للعذر، ومن المعلوم أن رتبة النافي للفعلية والمثبت لها واحدة، فلا ورود ولا حكومة بينهما، وحينئذ