منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٠٩
وكيف كان فالتحقيق في تمامية القاعدة وكونها مصححة للمؤاخذة على مخالفة التكليف الواقعي المجهول يستدعي النظر في موضوع كل منهما ومحموله، فموضوع قاعدة القبح (عدم البيان) ومحمولها قبح العقاب من المعاقب الحكيم. وموضوع الأخرى العقاب المحتمل، ومحمولها الوجوب، وبيانية قاعدة الدفع منوطة بالنظر في محتملات الوجوب، إذ على بعضها تصلح للبيانية، وعلى بعضها الاخر لا تصلح كما سيظهر، فنقول وبه نستعين: ان وجوب الدفع اما شرعي نفسي أو غيري أو طريقي، واما فطري، واما عقلي إرشادي. و الظاهر عدم كونه نفسيا، إذ ضابطه - وهو الوجوب المنبعث عن مصلحة في المتعلق يوجب استحقاق المثوبة على موافقته والعقوبة على مخالفته كوجوب الصلاةوالصوم ونحوهما - لا ينطبق عليه، إذ فيه أولا: أنه ليس احتمال التكليف من العناوين الموجبة لملاك ملزم يقتضي تشريع حكم إلزامي يوجب استحقاق العقوبة على مخالفته حتى يجب دفعها، وإلا لزم التصويب أو التسبيب.
وثانيا: أنه بعد تسليمه لا يكون وجوب الدفع أيضا شرعيا نفسيا، لوقوعه حينئذ في سلسلة معلولات الاحكام، فيكون عقليا كحكمه بحسن الإطاعة وقبح المعصية، ولذا يحمل الامر بالإطاعة والنهي عن المعصية على الارشاد إلى ما يحكم به العقل ولا يحملان على الشرعي المولوي.
وثالثا: أن غرض المستدل بقاعدة دفع الضرر المحتمل انما هو تنجيز الحكم الإلزامي الواقعي المجهول، ورفع قبح المؤاخذة على مخالفته، وليس غرضه إثبات استحقاق العقوبة بهذه القاعدة على مخالفة التكليف المحتمل بما هو