منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٤
وان كان الغرض من إجرائه التعبد بالإباحة المغياة أو المقيدة بعدم صدور الحرمة، أو تحقيق موضوع تلك الإباحة، فحينئذ يرتبط الاستدلال بالخبر، الا أنه لا يجري الأصل لاثبات شئ من هذه الأمور، وذلك لعدم إمكان إرادة الإباحة الواقعية والظاهرية من المرسلة حتى يجري فيها الاستصحاب. واستصحاب الإباحة المالكية بمعنى اللا حرج غير جار أيضا، لعدم كونها حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي. كما لا يجري الأصل أيضا لتحقيق موضوع الإباحة لأنها ان كانت من لوازم عدم النهي الأعم من الواقع والظاهر كوجوب الإطاعة وحرمة المعصية اللذين هما من لوازم الحكم مطلقا وان كان ظاهريا ثابتا بالأصل جرى الأصل فيها، ولكن من الواضح أن الإباحة قبل الشرع هي اللا حرج عقلا حقيقة لا اللا حرج قبل الشرع ظاهرا مع ثبوته واقعا. وبعد عدم جريان الأصل فالاستدلال بالخبر يندرج في التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية، إذ المفروض عدم إحراز عدم صدور النهي حتى يندرج المشكوك في قوله عليه السلام: (كل شئ مطلق) لتثبت إباحته ظاهرا.
الثالث: قال (قده): (ان ظاهر الخبر جعل ورود النهي غاية رافعة للإباحة الظاهرية المفروضة، ومقتضى فرض عدم الحرمة إلا بقاء هو فرض عدم الحرمة حدوثا، ومقتضاه عدم الشك في الحلية والحرمة من أول الامر، فما معنى جعل الإباحة الظاهرية المبعوثة بالشك في الحلية والحرمة في فرض عدم الحرمة إلا بقاء) وتوضيحه: أن جعل الورود بمعنى الصدور مستلزم لانقلاب الإباحة الظاهرية المدلول عليها بقوله عليه السلام: (مطلق) إلى الإباحة الواقعية، حيث إن ظاهر قوله: (حتى يصدر) أن الشك دائما هو في بقاء الإباحة لا في