منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٨٣
المتيقن بهذا المقدار في كل واحد من الطرفين لا ينافي العلم الوجداني بالانتقاض في أحدهما. وعليه فما ذكرناه في الجز الرابع لا يخلو عن تأمل، بل منع.
وأما الاشكال الثاني، فقد تقدم الجواب عنه هناك، وأنه - مضافا إلى عدم اشتمال بعض الاخبار على الذيل - مختص باليقين التفصيلي بمقتضى الانصراف كما في تقرير بحث شيخنا المحقق العراقي (قده).
وأما الاشكال الثالث فقد تقدم الجواب عنه أيضا، وأنه مع اقتضاء الاستصحاب لعدم فعلية كل من المحتملين لا تصل النوبة إلى حكم العقل بنفي الحرج في الفعل والترك، فان حكمه في أمثال المقام تعليقي.
وقد تحصل: أنه لا مانع من جريان الاستصحاب فيما دار أمره بين الوجوب والحرمة. نعم يختص ذلك بالشبهات الموضوعية دون الحكمية، وذلك لما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى من عدم جريان استصحاب عدم الجعل، إذ لا شك في انتقاض عدم كل حكم بعد الشرع ولو بمثله.
هذا كله مع وحدة الواقعة، وأما مع تعددها، فيتفرع على القول بالتخيير عقلا أو شرعا أقوال ثلاثة: التخيير البدوي مطلقا والاستمراري كذلك، والتفصيل بين ما لو بنى على استمرار ما اختاره ثم بدا له العدول فهو استمراري، وبين القصد إلى العدول من أول الامر فبدوي، وقد وجهه المصنف في حاشية الرسائل بأنه لو لم يكن بانيا على ما اختاره أولا ولم يبال بالعدول عنه لم يكن مباليا بمخالفة الواقع تدريجا، فهو قاصد للمعصية في واقعتين، والعقل لا يتفاوت عنده في حكمه بقبح المعصية بين الدفعي والتدريجي، وهذا بخلاف ما لو بنى على ما اختاره ثم بدا له العدول، فان المخالفة التدريجية وان تحققت، إلا أنه لا قبح