منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٠
وان كان كبرويا بمعنى عدم حجية مدركات العقل أصلا، فهو ممنوع أيضا إذ لا فرق في حجية البرهان بين الآني واللمي، فكما نستكشف المصالح والمفاسد من العلم بوجوب شئ وحرمة آخر، كذلك نحكم - بنحو اللم - بالوجوب والحرمة عند العلم بالمصالح و المفاسد الملزمة الثابتة في الافعال، لتحقق ما هو مناط حكمه، فالمنع عن حجية الحكم حينئذ مساوق للمنع عن حجية القطع بالحكم.
وان كان كلامه (قده) ناظرا إلى منع اسناد الاحكام المستنبطة من الأولويات الظنية والاستحسانات العقلية إلى الشارع، فهو وان كان مسلما، الا أن القائل بقاعدة الملازمة من العدلية يأبى ذلك قطعا. ولا حاجة في رد هذه القاعدة في غير ما يوجب العلم إلى التمسك بهذه المرسلة مع وجود الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة الناهية عن العمل بالظن عموما والقياس خصوصا.
وكيف كان فاحتمالات الحديث أربعة، حيث إن المراد بالنهي إما النهي الخاص عن الشئ بعنوانه، أو النهي العام عن الاقتحام في المشتبه، وعلى كلا التقديرين فالورود إما بمعنى الصدور وإما بمعنى الوصول، والاستدلال به على البراءة منوط بإرادة النهي عن الشئ الخاص وكون الورود بمعنى الوصول كما استظهره شيخنا الأعظم، وعلى الاحتمالات الثلاثة الأخرى يكون الحديث أجنبيا عن البراءة إلا بناء على ما تكلفه المصنف كما ستعرفه في التوضيح. مضافا إلى توقف جريان أصالة عدم الورود على القول بجريان الاستصحاب في الاعدام الأزلية.
وأما ما أشرنا إليه من اعتراضات بعض محققي تلامذة المصنف في حاشيته الأنيقة عليه فنتعرض لمحصل بعضها، فنقول وبه نستعين:
ان كلامه (قده) يشتمل