منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٧٣
الاحتياط، فالتكليف المرفوع ظاهرا هو هذا، فيعارض حديث الرفع أدلة الاحتياط.
الا أن يدعى أن بعث الرسول كناية عن بيان الاحكام الواقعية، فلا تعذيب قبل بيانها، فان نهض الدليل على وجوب الاحتياط حينئذ وقع التعارض بين هذه الآية وأدلة القائلين بوجوب الاحتياط في الشبهات.
لكن فيه: أن بيان الاحكام الظاهرية أيضا وظيفة الرسل، لأنها من شرائع الله تعالى، بداهة أن بيان حكم الموضوع المشكوك حكمه كالحلية والطهارة أيضا من وظائفهم عليهم السلام.
والحاصل: أن الآية الشريفة سيقت لبيان ما يقتضيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فهي إرشاد إلى تلك القاعدة، ولا تصلح لمعارضة أدلة الاحتياط الواردة عليها.
ثم إن هنا مباحث لا بأس بالإشارة إليها:
الأول: أن المحدثين استدلوا بهذه الآية على نفي الملازمة بين حكم العقل والشرع، بتقريب حصر الآية سبب التعذيب في بعث الرسول، فلا عقاب على ارتكاب القبيح العقلي الذي لم ينهض دليل من الشرع على حرمته، ولو كانت قاعدة الملازمة ثابتة لاستحق العقوبة على مخالفة المستقلات العقلية، فهذه الآية دليل على عدم تمامية قاعدة الملازمة.
الثاني: أن الفاضل التوني (ره) جمع بين الاستدلال بهذه الآية الشريفة على البراءة وبين رد من استدل بها من المحدثين على نفي الملازمة بين حكم العقل والشرع. أما تقريب الاستدلال بها على البراءة، وكذا تقريب استدلال