منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٣
الناشئة عن المصلحة التسهيلية، فتوضيحه: أنه لا يصح جعل هذه الإباحة مغياة ولا محددة ومقيدة بعدم صدور النهي في موضوعها واقعا، لوجوه ثلاثة:
الأول: أن موضوع الإباحة الظاهرية هو الشئ المشكوك حكمه الواقعي، وهذا الموضوع مغيا بالعلم بالحكم، نظير قوله عليه السلام:
(كل شئ لك حلال حتى تعلم أنه حرام) حيث أخذ العلم بالحرمة غاية للحلية الظاهرية، ويستحيل أن تكون الإباحة الظاهرية مغياة بصدور النهي واقعا، وإلا لزم تخلف الحكم عن موضوعه التام، وهو في الاستحالة كتخلف المعلول عن علته التامة.
توضيحه: أن موضوع الإباحة الظاهرية - وهو الجهل بالحكم الواقعي - لا يرتفع بمجرد صدور النهي واقعا وعدم العلم به، لاجتماعه معه حينئذ، فان قلنا بارتفاع هذه الإباحة بمجرد صدور النهي واقعا مع بقاء الجهل به لزم ارتفاع الحكم وهو الإباحة الظاهرية عن موضوعه وهو الجهل بالحكم الواقعي، وليس هذا إلا تخلف الحكم عن موضوعه، ولا مناص عن هذا المحذور إلا بجعل الورود بمعنى الوصول.
الثاني: أن الإباحة الظاهرية حيث إنها مغياة بصدور النهي واقعا أو مقيدة بعدم صدوره واقعا، فمع الشك في حصول الغاية أو القيد لا يصح ترتيب آثار الإباحة، بل لا بد في ترتيبها من إحراز عدم تحقق الغاية أو القيد - أعني صدور النهي - والمفروض أن عدم صدوره غير محرز وجدانا فلا بد من إحرازه تعبدا بأصالة عدم صدور النهي حتى تثبت الإباحة فعلا للموضوع المشكوك، وحينئذ فان كان الغرض من إجراء الأصل مجرد نفي الحرمة ودفع تبعتها ظاهرا فلا مانع منه، الا أنه ليس من الاستدلال بالخبر، بل بالأصل.